Tuesday, September 14, 2010

امي ,,,,,,,,,,,بقلم جابر جابر

هل نكبر ام ننجو " 
ما ان قرع جرس المدرسة ايذانا بانتهاء الدوام المدرسي حتى ركضت  حليمة خارج المدرسة راكضة هاربة وكان احدا ما يلاحقها   لم يكن  تفكيرها منصبا على المنظر المضحك الذي تركض فيه  حاملة على ظهرها اثقالا تدعى الكتب ولا انها تركض تحت اشعة شمس لا ترحم   ولا حتى سفرها كل يوم سريا على الاقدام في رحلة الذهاب الى المدرسة والعودة منها ,,,وهي ليست خائفة بل مرعوبة فمنظر العصا الموضوعة خلف الباب لا يفارق مخيلتها  واثار الضرب من ليلة البارحة لم تمح عن جسدها بعد وقبل كل هذا الم رحيل امها لا زال يوجع قلبيها ,,,,امر واحد هو ما كان يشغلها اليوم وهو ذات الامر الذي يشغل بالها كل يوم " ان تاخرت ستضربني زوجة ابي وان لم اذهب ستغضب مني امي " 
قررت منذ اليوم انها ستفعل الامرين معا تزور والدتها وتعود الى البيت مبكرة وبهذا تحقق الامرين معا فلا يغضب منها احد ولا ينكل بها من قبل زوجة ابيها 
تصل الى امها بعد دقائق من خروجها من المدرسة ,,,ترتسم الابتسامة على وجهها ,,,تجلس الى جوار امها وتبدأ بالحديث معها " اه يا امي كم اشتاق اليك ,,,لماذا تركتنا ورحلت ؟ ,,,,,اعلم ان ابي لم يكن يحبنا ولكن انا احبك يا امي ,,,, اقسم لك يا امي انني احبك .....اه يا امي لو تعلمين ما الذي يفعلونه بي في البيت ,,,,,لا اريد ان ازعجك ولكنهم يضربونني ,,,,
البارحة كنت اقوم  بغسل الصحون الا ان احمد جاء وضربني  بعصا احضرها فقط من اجل ان يضربني ,,,عصا خسبية طويلة ضربني بها وبكيت ,,,نعم بكيت كثيرا لكنه لم  يتوقف عن ضربي الا عندما تعب ,,,,ضربني لانه يقول ان القميص الذي غسلته لم يكن نظيفا كما يريد ,,,, اقسم انني غسلته يا امي اقسم لك بذلك وقد نظفته باقصى ما استطيع لكنه لم ينظف ,,,لقد كان قذرا جدا ولم استطع تنظيفه اكثر مما فعلت ,,,,,هل تصدقينني يا امي ؟ .
لا استطيع التحدث لابي عما يفعلونه بي لانهم سيضربونني بعد ان يذهب ,,,وهو اصلا لم يفعل شيئا سوى انه قال لي عندما شكوتهم اليه ذات مرة قال لي ان اخرس وهل تعلمين ما الذي قاله؟  
  "صام ,,,صام وافطر على بصلة " 
هذه هي ردة الفعل الاولى التي اطلقها  لحظة بشروه ان زوجته الشابة قد انجبت له ابنة هي انا  " بعد هذا العمر الطويل انجبت بنتا لن تحمل اسمي  وسانفق عليها طيلة الايام الباقية في عمري ,,,,,,واستغرق في شتائم لحظه العاثر ولزوجته الحمقاء التي "كانت السبب في انجاب هذا العار " .
هذا ما قاله لي عندما شكوتهم له 
لو تعلمين كم تمنيت انني الى جوارك لحظتها  
لقد بكيت كثيرا يومها لكنني بعدها قلت لنفسي انه لا يحبني فلماذا اجبر نفسي على ان احبه 
وهذا ما فعلته من يومها 
قال لي ان اخرس وهذا ما فعلته من يومها والى الان 
نعم لقد اصبحت خرساء لا اتكلم مع احد الا ان سالوني
وفي المدرسة ايضا لا اتكلم الا مع الاء ,,,,تذكرينها اليس كذلك؟؟؟ لقد كانت تاتي لتلعب معي عندما كنت معنا دائما وكانت تحبك ,,,انها تبكي كلما ذكرتك لها انها مشتاقة اليك كثيرا الا انها لا تريد القدوم معي اليك لا ادري لماذا ,,,دائما اخبرها انني ذاهبة اليك  ولكنها تبدا بالبكاء  وترفض المجيء . 
ابي يقول ان هذه هي اخر سنة لي في المدرسة ,,,, لا ادري لماذا لكنه يقول ان المرأة لبيت زوجها ولا تحتاج شهادات لتعيش ,,,,المعلمة تقول اننا يجب ان نتعلم ولكنه لا يقبل ويقول انه لن يسمح لي بالذهاب الى المدرسة ولو ليوم واحد بعد انتهاء هذه السنة ,,,اظنه لا يمزح لانه اخبر زوجته ان تجد لي عملا في بيت من بيوت القرية  او ان ارادت قسيبقيني معها لاساعدها ,,,,انا لا اساعدها فعلا ,,,لانها لا تعمل اصلا بل تظل طوال اليوم جالسة هي وابنتها  مع جارتنا ام سعيد لا يقمن بشيء سوى الكلام  وانا اقوم بكل شيء ,,,,لماذا رحلت وتركتنا يا امي 
اعرف ان ابي كان يضربك دائما ولكن,,,,انا اشتاق اليك وابكي طوال اليوم ولكن  لا احد يرى دموعي ,,,ربما لو راوها لضربوني لانني ابكي.
هل تذكرين عندما كنتي مريضة وكنت انام الى جانبك ,,,اريد الان ان افعل هذا مجددا ,,,لكن لماذا قلت له ان يتزوج مرة اخرى من بعدك؟  
انا لا اريد اما غيرك وهي اصلا لا تريدني 
 لا اريد احدا سواك 
ارجوك لا تقولي لي انك طلبت منه هذا لكي تقوم هي بالاعتناء بي 
هي لا تعتني بي ابدا 
ربما انه كان سيفعلها ويتزوج حتى لو لم تقولي له ذلك 
انا اسفة يا امي لا ,,,لن الومك على هذا ,,,,ولكن ارجوك اخبريني لماذا رحلتي وتركتني وحيدة 
لن اطيل ابقاء لانها ستضربني ان تاخرت 
ليست المشكلة انها تصربني المشكلة انه تشتمك ,,,احاول ان امنعها لكن كلما حاولت ازدادت شتائمها هي وابنتها عليكي 
ارجوكي لا تقولي لي ان وليدها هما اخوة لي  
هما لا يقربان لي ابدا  وكلاهما يضربانني 
انهما لا يحبانني فلا تطلبي مني ان احبهما 
 انا متعبة جدا يا امي ,,ارجوكي اسمحي لي ان استلقي الى جوارك قريبا ,,,,ساستلقي لدقائق فقط .
تستلقي حليمة الى جوار والدتها  والحقيبة المدرسية لا زالت على ظهرها ,,,,,,,تحلم انها وامها تعيشان هما الاثنتان فقط 
والاخرون قد تركوهما لتفعلا ما تشاءان 
النوم الذ كانت تفترض انه لن يستمر سوى دقائق اصبح ساعات ,,,,,,,استيقظت نم نومها لتجد ان الشمس توسك على الغروب ,,,,,,,,هي تعلم ما ينتظرها او على الاقل تحاول التوقع لكنها لا تابه فقد كانت خلال كل تلك الساعات الى جوار امها وقد لعبتا معا وذهبتا الى حيث تريدان في الحلم
تضع يديها الصغيرتين على وجهها وتبكي للحظات  الا انها تتذكر اخر كلمة سمعتها من امها 
"ان لا تخافي يا ابنتي  وكلما حزنت تذكري انني قريبة منك جدا ,,,كلمني كلما اشتقت الي ,,,,وعندما تشعرين بالوحدة تذكري انها سنلتقي قريبا "  
 تمسح دموعها بثيابها المدرسية المتسخة و تقبل شاهد القبر الذي يضم رفات امها وتسقي الازهار التي نمت على جوار القبروتسير عائدة الى البيت بكل هدوء ,,,,لم تركض ولو لثانية واحدة 
هي الان لم تعد خائفة 
قد يضربونها وعلى الاغلب انهم سيفعلون بل وسيتناوبون على ضربها مرارا وتكرارا لكنها الا لم تعد خائفة 
فهي قد علمت ان امها في قلبها ولن يستطيعوا ان ينتزعوها من داخل صدرها ابدا 

No comments:

Post a Comment