Thursday, April 5, 2012

اميل حبيبي ومحمد بكري , المتشائل

انتهيت منذ قليل من مشاهدة مسرحية المتشائل  وهي مسرحية كنت قد شاهدت منها مقاطع قصيرة على امتداد اعوام عمريو شاءت الصدف ان اتمكن من العثور عليها اليوم على اليوتيوب ! المسرحية من كتابة الرائع الراحل ايميل حبيبي ومن تمثيل المبدع العظيم ذي المواهب المتعددة محمد البكري 
المسرحية تروي في اطار من الكوميديا السوداء اجواء فلسطين المحتلة في العام 1948 وحياة الفلسطينيين الذين بقوا فيما عرف بدءا من 1948 بدولة اسرائيل . 
المسرحية تسلط الضوء على ظاهرة المتسللين والذين هم عبارة عن فلسطينيين حاولوا مرارا العودة الى ارضهم ووطنهم بعدما حلت بهم النكبة اللعينة وبعدما ادركوا ان الجيوش العربية المظفرة ليست قادرة على الانتصار على دودة القز كما كان اعلامنا العبقري يسميها 
المسرحية عبارة عن عرض لقصة او رواية كان ايميل حبيبي قد كتبها منذ سنوات وبالنسبة لي فقد احببت المسرحية اكثر مما احببت الكتاب , فعلى الرغم من ان المسرحية من نوع المونو دراما , اي مسرحية بممثل واحد الا ان البكري وبمواهبه المتعددة نجح بنقلي من بيتنا في عمان الى حيفا وعكا , الى الطنطورة , والى منارة عكا واشباحها , واراني بشكل يثير فيضا من المشاعر المكبوتة كيف كان الفلسطينييون ينقلون في التركات " الشاحنات " ويلقى بهم خارج الارض التي سكنوها منذ عشرة الاف سنة 
على امتداد ساعتين تقريبا بقيت متسمرا امام محمد بكري ارقب همساته وكلماته , رقصاته واغنياته وابهرني هذا الابداع لكن الشيء من مأتاه لا يستغرب !
كمية ابداع لا تراها الا فيمن راوا من الايام ما لا يرى , كمية ابداع تلخص الحالة الفلسطينية على امتداد قرن من الزمان 
لكن اجمل ما تضمنته المسرحية والكتاب هو النهاية التي يرى الكاتب ان فيها الحل لكل هذه المعضلة , وبالتحديد عندما ينضم الابن "ولاء " الى الفدائيين فتذهب الام والاب اليه رفقة الجيش الصهيوني ليقنعاه بتسليم نفسه , ليدور بينهما حوار رائع عن المقاومة والخذلان , عن شعب مل الركوع , عن شعب لا مكان له تحت الشمس وعن مغارة هي بالنسبة للفدائي اكثر رحابة من عالم الزيف والقهر والكبت الذي به نحيا 
لتنضم الام عقب ذلك مقتنعة الى الابن في معركته اليائسة البائسة  ويختفيا 
من اهم ما قالته المسرحية هو ان الحل لن يأتي من فوق , نعم لن يأتي من فوق , الحل بيدك وبيدها وبيدنا جميعا , لكن يبدو ان اتفاقا اخرس يجمعنا على الصمت عن هذا الاتفاق, اتفاق اخرس يجعلنا نغض الطرف عما نعلم انه الحلم ونواصل مهمتنا التاريخية في البكاء والنوح 
لن اكتب عن المسرحية والكتاب اكثر فمهما كتبت هما افضل