Sunday, March 31, 2013

عدالة اجتماعية دي تبقى خالتك


درست وإخوتي من بعدي في مدرسة تدعى "جبران خليل جبران" وكانت المدرسة _ولا زالت فيما اعلم _ مملوكة لاحدهم وتستأجرها الدولة منه , وقد كانت مدرستنا الجميلة من غير ساحة , ولذا فقد كنا في وقت الفرصة نستطيع الذهاب إلى أي مكان نريد , البعض كان يذهب إلى بيته , البعض يذهب ليفطر في أحد المطاعم القريبة . وفي إحدى المرات كنت ألعب ومجموعة من الأصدقاء في الفراغ الشاسع المحيط وفي الشارع طبعا , ليدهس أحد الأصدقاء ويصطدم بأحد أعمدة الكهرباء الموجودة في المنطقة , ولا زلت أذكر مشهد الدم النازف من رأس صديقي فيما توقف السائق وقام بوضعه في سيارته منطلقا به إلى حيث لم نعرف ساعتها . 
يومها عدنا من الساحة إلى الصفوف فيما الخوف والرعب هما الأمر الوحيد الذي نشعر به _كنت في الصف الثاني وقتها _ وأذكر أن الأستاذ قد سألني لم تبك ؟ فأجبته كاذبا أنني إنما أبكي تعاطفا مع صديقي المصاب , لكن ما كان يرعبني وقتها هو أنني كنت اعتقد ان الشرطة ستقوم بحبسي ووالدي لأنني أنا من اقترحت على الأصدقاء هذه اللعبة التي أدت إلى الحادث ! 
المهم علمنا في اليوم التالي أن صديقنا في وضع جيد وان الإصابة كانت طفيفة ولم تقبض الشرطة عليّ ولله الحمد 
تذكرت هذه القصة وأنا أسير اليوم في حديقة بنك الإسكان الموجودة في عبدون 
أطفال عبدون لاشك يستحقون مساحة للعب , لكن أطفال النصر وغيرها من المناطق عليهم القفز من على سور المدرسة الثانوية حتى يتمكنوا من اللعب . 
عدالة اجتماعية دي تبقى خالتك .

Saturday, March 30, 2013

الفقراء اولا يا ولاد التيت


الفقراء_مش النشطاء_ أولا يا ولاد الكلب . 
الحرية للأسير والمعتقل الذي لا نعرفه . 
المجد للشهيد الذي لم ينل أهله تعويضا , ولا سمّى أحد دوّار باسمه 
المجد لمن خرج من بيته غير مراهن على شلّته من المحامين والحقوقين
المجد لمن قدّم النضال على رزق أطفاله وأهله 
المجد لمن خرجوا لكسر الأصنام لا ليصبحوا أصناما جديدة . 
المجد لمن لا يجيدون التحدث للكاميرات لكنهم يعرفون جيدا كيف يكون النضال .

Friday, March 22, 2013

مالم يقله محمد طمليه وجاك بريفير

يقال أن أحد العمال كان متوجها صباحا إلى المصنع الذي يعمل به , لكنه لاحظ على غير العادة أن النهار جميل جدا , النسوة ضاحكات , الأطفال يلعبون , فقرر في لحظة حب للذات نادرة الحصول ألّا يذهب إلى العمل في ذلك اليوم قائلا لنفسه : من السخف أن أمنح هذا اليوم الجميل لرب العمل .

هذا هو الجزء الذي تعرفونه من القصة , أمّا الجزء الذي لا تعرفون فهو أن صديقنا فكر طويلا في الأمور التي سيفعلها خلال هذا اليوم الذي قرر ان يستمتع فيه على اكمل وجه .
قال لنفسه إن كنت سأستمتع بهذا اليوم فربما يكون من الأنسب ان أشارك هذه المتعة مع زوجتي , وحبيبة قلبي , أليست هي من صبرت على فقري كل هذه السنوات , أليست هي من تستحمل بعدي عنها أكثر من نصف اليوم , اليوم يوم الغسيل , لكن فليذهب الغسيل إلى الجحيم كما على مديري أن يفعل , ولتذهب المسؤوليات إلى الهاوية , ألم يقل احد الحكماء أن السعادة إنما هي قرار نتخذه ؟ حسنا قررت اليوم ان أكون سعيدا
مرّ صديقنا على بائع زهور واشترى بالنقود التي كان من المفترض أن يتناول الغداء بها باقة من الورود , سأخرج مع زوجتي إلى البرية , سنمارس الجنس كما لم نفعل من قبل , وسأخبرها عن مقدار حبي لها
أسرع بخطواته إلى البيت مفكرا في اشكال من السعادة سيتذوقها اليوم وهو الذي لم يعرف السعادة بسبب الفقر وبسبب العبودية التي يلقاها في العمل منذ سنوات , من أحق مني بالسعادة ,ألا يحق لي ان أمارس السعادة ؟ اللعنة عليّ إن كان في  الكوكب من هو أحق منّي بالفرح والحبور .
تمنى وهو يصعد درج البيت لو كان بإمكانه وضع شيء من العطر على ثيابه حتى لا تكون رائحته مقرفة وهو يضاجع زوجته كما لم يفعل منذ عصور ما قبل الذل , لكن هذا كله ليس مهما , لاشك أنها سترتبك لدى رؤيتي , ستظن أن مكروها حصل للمصنع , أو ربما ستظن انني فصلت من العمل , ههههه يالها من بريئة ساذجة , سأشرح لها كم أحتاج إلى ان أعانقها , إلى أن أشعر بقلبها ينبض بجوار قلبي , سأشرح لها كم أنا بحاجة إلى ان أكون حرا ولو لأربعة وعشرين ساعة . لاشك انها ستسر بنزوة الجنون هذه .
يصل صديقنا إلى باب البيت فيسمع أصواتاً غريبة تأتي من وراء الباب , يفتح الباب اللعين سريعا ليجد زوجته ممتطية رجلاً ما , وهنا توقف العالم , وسكنت المخلوقات , العصافير التي كانت تزقزق في لاوعي صاحبنا صمتت وإلى الأبد , السرور الذي كان يعلو محياه تحول كدرا وحزنا , لثوان بدت له طويلة جدا لم يعد يشعر بشيء , لا فرحا ولا حزنا , ولو ان الله اختار أن تقوم القيامة في تلك اللحظة لما عناه ذلك في شيء , استمر هذا الجنون لحظات فيما أدركت الزوجة و " حصانها" ما تغير على وضع الغرفة فقفزت عنه وحاولا تغطيت ما تعرا من جسديهما بأي قماش امسكت به أيديهما .
ثوان ويستعيد صديقنا وعيه , لا دعوني أصغ ما حدث بكلمات اخرى , البلاهة التي علت وجهه للحظات تحولت إلى نوبة هستيرية من الضحك , ضحك وكأنه إنما دخل على عرض لتشارلي شبلن لا على زوجة خائنة , ضحك لأن من كانت زوجته تمتطيه عندما دخل الباب إنما هو رب العمل الذي ظن أنه من السخف أن يمنحه هذا اليوم الجميل !

Thursday, March 21, 2013

إليه بطبيعة الحال 1


إلى الصديق العزيز محمد طمليه
تحية طيبة وبعد , أكتب لك الليلة لأشكرك على الكتاب الذي وصلني قبل قليل منك , أعني كتاب "إليها بطبيعة الحال" أنت لا شك تعلم أنني مع كل صفحة أقلبها في هذا الكتاب الصغير أود لو أنني اللعينة سلمى التي تكتب لها , لكن هذا نصيبي,

لاشك أنك لاحظت أنني لم أستعمل كلمة أستاذ في مخاطبتك , ولا قلت أديبنا الكبير , وحجتي في استعمال اللفظ الذي رأيت هو أن من يقرأ لك لا يعود قادرا على استعمال  ألفاظ كبيرة , فأنا بت أعرفك جيدا , بت أعرفك أكثر من أشقائي الذين يشاركونني الغرفة القذرة , بت أعرفك تماما , وأحب سلمى معك ,وأحزن على وفاة والدتك كما تحزن , فهي والدتنا جميعا .

فكرت طويلا في الأمور التي يجب ان أضعها في رسالتي الأولى* لك , ما هي الأمور التي تستحق ان تزعجك في هذا الجحيم الأرضي وأنت هناك فوق , بحثت طويلا لأجد أن كتابك هذا هو ما يستحق ان أحدثك عنه

كنت قد قرأت كتابك هذا قبل سنوات , وقتها كنت عاطلا عن العمل وعن الأمل , وقد كان كتابك عبارة عن ملح يصبه جلاد لعين على جرح متقيح أصلا , لكن هذه المرّة أقرأ كتابك وأنا إنسان أخر مختلف تماما , صحيح أن الجرح تحول جروحا , لكنني اليوم أقل قدرة من ذي قبل على قراءة ما كتبته أيها الوغد .
أجلس على دوار الحاووز وأقرأ ما كتبته , وتدمع عيناي , رباه ما هذا الألم , كيف لبشر أن يعد ما تكتبه أدبا ساخرا , , مات والدك , وشقيقك , ثم والدتك , ثم تصاب بالسرطان , ثم تجد فرصة للضحك , أي جبار أنت يا رجل !

لا أعرف كيف اتخذت الرسالة هذا المنحى البائس ! _ما علينا _ كنت أود ان أخبرك أن القراءة لك ضرب من المازوشية , لكنني اجزم أنك تعرف هذا مسبقا , ولذا اسمح لي أن أنهي هذه الرسالة على أمل أن أسمع منك ردا في القريب العاجل

صديقك " المخلص "
جابر جابر
من الجحيم الأرضي