Friday, March 22, 2013

مالم يقله محمد طمليه وجاك بريفير

يقال أن أحد العمال كان متوجها صباحا إلى المصنع الذي يعمل به , لكنه لاحظ على غير العادة أن النهار جميل جدا , النسوة ضاحكات , الأطفال يلعبون , فقرر في لحظة حب للذات نادرة الحصول ألّا يذهب إلى العمل في ذلك اليوم قائلا لنفسه : من السخف أن أمنح هذا اليوم الجميل لرب العمل .

هذا هو الجزء الذي تعرفونه من القصة , أمّا الجزء الذي لا تعرفون فهو أن صديقنا فكر طويلا في الأمور التي سيفعلها خلال هذا اليوم الذي قرر ان يستمتع فيه على اكمل وجه .
قال لنفسه إن كنت سأستمتع بهذا اليوم فربما يكون من الأنسب ان أشارك هذه المتعة مع زوجتي , وحبيبة قلبي , أليست هي من صبرت على فقري كل هذه السنوات , أليست هي من تستحمل بعدي عنها أكثر من نصف اليوم , اليوم يوم الغسيل , لكن فليذهب الغسيل إلى الجحيم كما على مديري أن يفعل , ولتذهب المسؤوليات إلى الهاوية , ألم يقل احد الحكماء أن السعادة إنما هي قرار نتخذه ؟ حسنا قررت اليوم ان أكون سعيدا
مرّ صديقنا على بائع زهور واشترى بالنقود التي كان من المفترض أن يتناول الغداء بها باقة من الورود , سأخرج مع زوجتي إلى البرية , سنمارس الجنس كما لم نفعل من قبل , وسأخبرها عن مقدار حبي لها
أسرع بخطواته إلى البيت مفكرا في اشكال من السعادة سيتذوقها اليوم وهو الذي لم يعرف السعادة بسبب الفقر وبسبب العبودية التي يلقاها في العمل منذ سنوات , من أحق مني بالسعادة ,ألا يحق لي ان أمارس السعادة ؟ اللعنة عليّ إن كان في  الكوكب من هو أحق منّي بالفرح والحبور .
تمنى وهو يصعد درج البيت لو كان بإمكانه وضع شيء من العطر على ثيابه حتى لا تكون رائحته مقرفة وهو يضاجع زوجته كما لم يفعل منذ عصور ما قبل الذل , لكن هذا كله ليس مهما , لاشك أنها سترتبك لدى رؤيتي , ستظن أن مكروها حصل للمصنع , أو ربما ستظن انني فصلت من العمل , ههههه يالها من بريئة ساذجة , سأشرح لها كم أحتاج إلى ان أعانقها , إلى أن أشعر بقلبها ينبض بجوار قلبي , سأشرح لها كم أنا بحاجة إلى ان أكون حرا ولو لأربعة وعشرين ساعة . لاشك انها ستسر بنزوة الجنون هذه .
يصل صديقنا إلى باب البيت فيسمع أصواتاً غريبة تأتي من وراء الباب , يفتح الباب اللعين سريعا ليجد زوجته ممتطية رجلاً ما , وهنا توقف العالم , وسكنت المخلوقات , العصافير التي كانت تزقزق في لاوعي صاحبنا صمتت وإلى الأبد , السرور الذي كان يعلو محياه تحول كدرا وحزنا , لثوان بدت له طويلة جدا لم يعد يشعر بشيء , لا فرحا ولا حزنا , ولو ان الله اختار أن تقوم القيامة في تلك اللحظة لما عناه ذلك في شيء , استمر هذا الجنون لحظات فيما أدركت الزوجة و " حصانها" ما تغير على وضع الغرفة فقفزت عنه وحاولا تغطيت ما تعرا من جسديهما بأي قماش امسكت به أيديهما .
ثوان ويستعيد صديقنا وعيه , لا دعوني أصغ ما حدث بكلمات اخرى , البلاهة التي علت وجهه للحظات تحولت إلى نوبة هستيرية من الضحك , ضحك وكأنه إنما دخل على عرض لتشارلي شبلن لا على زوجة خائنة , ضحك لأن من كانت زوجته تمتطيه عندما دخل الباب إنما هو رب العمل الذي ظن أنه من السخف أن يمنحه هذا اليوم الجميل !