إلى الصديق العزيز محمد طمليه
تحية
طيبة وبعد , أكتب لك الليلة لأشكرك على الكتاب الذي وصلني قبل قليل منك ,
أعني كتاب "إليها بطبيعة الحال" أنت لا شك تعلم أنني مع كل صفحة أقلبها في
هذا الكتاب الصغير أود لو أنني اللعينة سلمى التي تكتب لها , لكن هذا
نصيبي,
لاشك أنك لاحظت أنني لم أستعمل كلمة أستاذ في مخاطبتك
, ولا قلت أديبنا الكبير , وحجتي في استعمال اللفظ الذي رأيت هو أن من
يقرأ لك لا يعود قادرا على استعمال ألفاظ كبيرة , فأنا بت أعرفك جيدا , بت
أعرفك أكثر من أشقائي الذين يشاركونني الغرفة القذرة , بت أعرفك تماما ,
وأحب سلمى معك ,وأحزن على وفاة والدتك كما تحزن , فهي والدتنا جميعا .
فكرت
طويلا في الأمور التي يجب ان أضعها في رسالتي الأولى* لك , ما هي الأمور
التي تستحق ان تزعجك في هذا الجحيم الأرضي وأنت هناك فوق , بحثت طويلا لأجد
أن كتابك هذا هو ما يستحق ان أحدثك عنه
كنت قد قرأت كتابك
هذا قبل سنوات , وقتها كنت عاطلا عن العمل وعن الأمل , وقد كان كتابك عبارة
عن ملح يصبه جلاد لعين على جرح متقيح أصلا , لكن هذه المرّة أقرأ كتابك
وأنا إنسان أخر مختلف تماما , صحيح أن الجرح تحول جروحا , لكنني اليوم أقل
قدرة من ذي قبل على قراءة ما كتبته أيها الوغد .
أجلس على دوار
الحاووز وأقرأ ما كتبته , وتدمع عيناي , رباه ما هذا الألم , كيف لبشر أن
يعد ما تكتبه أدبا ساخرا , , مات والدك , وشقيقك , ثم والدتك , ثم تصاب
بالسرطان , ثم تجد فرصة للضحك , أي جبار أنت يا رجل !
لا
أعرف كيف اتخذت الرسالة هذا المنحى البائس ! _ما علينا _ كنت أود ان أخبرك
أن القراءة لك ضرب من المازوشية , لكنني اجزم أنك تعرف هذا مسبقا , ولذا
اسمح لي أن أنهي هذه الرسالة على أمل أن أسمع منك ردا في القريب العاجل
صديقك " المخلص "
جابر جابر
من الجحيم الأرضي