Friday, December 30, 2011

عبودية القرن الحادي والعشرين



"ولد الانسان حرا الا انه مكبل بالاغلال في كل مكان , وهو يتصور نفسه سيد الاخرين الا انه في الحقيقة اكثرهم عبودية "

هذه العبارة هي ما استفتح الرائع جان جاك روسو به كتابه الخالد " العقد الاجتماعي " والذي لن امل من ترديد عبارة انه كان انجيل الثورة الفرنسية بحق

لكن ما الذي يعنيه روسو بهذا الكلام , خاصة وان العبيد قد حرروا منذ قرون , كما وان وان المساواة بين الناس قد تحققت " نظريا " منذ عقود فهل يبطل هذا الكلام ما قاله روسو ؟

دعونا ننظر الى احوالنا ونرى هل نحن عبيد كما قال روسو ام اننا احرار كما يحلو لنا ان نظن , وهل بتحرير ابراهام لينكولن للعبيد لم يبق في العالم عبيد فعلا ؟

تخرج من بيتك في السابعة صباحا , لتصل الى العمل في الثامنة , وتظل هناك الى الرابعة على احسن تقدير

لكن لماذا اعمل ؟

لأقوم بتوفير مستوى حياتي ارغب به بشدة

ما الذي سيحدث لو لم اعمل كل تلك الساعات ؟

سأجوع , او على الاقل فإنني لن اعيش كما اريد

لكن السؤال هنا : هل هذا فعلا ما تريد ؟؟ ام انه ما ربيت عليه , وما نُمِّي عليه عقلك



ما اراه هو ان المجتمع , والاعلام ساهم بل انه قام بغرس فكرة اننا لا بد ان نعيش بهذه الطريقة وان نعمل هكذا لنكون بشرا نستحق الاحترام

وان اي تقصير في اداء هذه المهمة المقدسة هو فشل يستحق مرتكبه ان ينبذ وان يخرج من دائرة "المجتمع "

هل فهمتم شيئا من كلامي ام انني اهذي ؟

حسنا ساحاول ان اشرح مرة اخرى

السيارة الفارهة , البذلة ايطالية الصنع , الزوجة الجميلة , الاطفال اللطيفون "الامامير " الرصيد البنكي الجيد , المكتب الواسع ذو النوافذ الكبيرة , الموظفون الذين يبادرون الى نفاقك بمجرد اشاعة خبر ترقيتك او مرضك , والفندق ذي النجوم الخمس لدى سفرك او عند اجازتك ؟

هل هذه هي الحياة ؟ وهل هذه هي السعادة وهل هذه هي الحرية , ام ان الاعلام والافلام والمجتمع المحيط بنا هو من افهمنا ان هذا هو ما علينا ان نفعله

ان تكرار الاكذوبة مرة تلو المرة وعلى مدى اعوام كما حصل للبشرية سيحول الاكذوبة الى حقيقة , حقيقة في اذهاننا , وسيجعلنا نفكر بل ونصدق ان هذه الحقيقة " الاكذوبة " نابعة من داخلنا

والا اي سعادة تلك التي اسعى ورائها ان كان علي ان اعمل في وظيفتين لمدة اربعين عاما ؟؟؟ ولمن اقوم بتجميع تلك الثروة والتي اخبروني انها هي السعادة وان جمعها هو الحياة الفضلى ؟؟

ابدأ بالعمل وعمري 22 عاما ولا اكف عن العمل الا بعد ان اتجاوز الستين , ان بقيت حيا الى الستين!! , وبعدها يقول لي المجتمع ان علي ان انتظر حسن الختام

يا سلااااااااااام !!!!؟

قبل قرون كان في بيت كل انسان ابيض عبد اسود فهل كان هذا صوابا ؟ بالطبع لا , لكن المجتمع كان راضيا لا بل ومشجعاً على هذا الاستعباد

واليوم لدينا في كل بيت عبد او اكثر , عبد ابيض او اسود او اصفر , لا فرق , لكنه عبد لا يجلد ان لم يطع الاوامر , لكنه يقابل بالنبذ ان لم يطعها , عبد ببزة غالية الثمن

والمشكلة في هذه العبودية , وما يجعل التخلص منها اصعب بكثير من سابقتها هي انه وبسبب عقود من غسل الدماغ باتت هذه العبودية جميلة لطيفة , ولذلك ساوصم بالجنون لمطالبتي هذه بالانعتاق منها , وهنا لا استطيع الا ان استرجع ما قاله مالكوم اكس عن الفارق بين عبد المزرعة وعبد المنزل




http://www.youtube.com/watch?v=UQ_VWpJj0Dw



نعم الان لدينا عبيد , او لدى الفكرة المزروعة في رؤوسنا عن السعادة عبيد , وعبيد كثر

عبيد يظنون انهم اسياد الاخرين " كما قال روسو " لكنهم في الحقيقة اكثر عبودية منهم جميعا

وكلما زاد ما يملكه كلما زادت عبوديته , وكلما زاد جهله بهذه العبودية




وسابقا قال درويش : لي حكمة المحكوم بالاعدام , لا اشياء املكها لتملكني "

اولم نسمع مرارا عن اشخاص كانوا في غاية الثراء لكن مذكراتهم فضحة فقرهم , مذكراتهم قالت بان جل ما كانوا يتمنونه في اواخر عمرهم وبعد جمعهم لثرواتهم , هو ان يستعيدوا حبا ضائعا , او ان يتنعموا بمشهد الغروب على شاطئ مهجور

او عن رغبتهم العارمة في ان يكونوا فلاحين في حقل ما , لا رئيس لهم ولا موظف ولا مسؤولية العناية بهذا الحقل ورعايته وكأنه طفلهم ووحيدهم

حتى يمكنك التداوي من المرض لابد عليك بداية ان تعترف بانك مريض

وحتى تتخلص من اغلال العبودية لابد وان تعترف انك عبد

وكما يحدث مع المرض , انت لم تختر ان تمرض , وكذلك انت لم تختر ان تكون عبدا , ولكن عندما تعلم انك مريض فعليك التداوي والا صرت مذنبا بمرضك , وكذلك الامر هنا عندما تصل الى حقيقة عبوديتك تصير مسؤولا عنها ومذنبا بالسكوت عليها

اتمنى ان اكون قد عبرت عن فكرتي بكلمات لا تجعلها اكثر غموضا








إنهضوا أيها العبيد، فإنكم لا ترونهم كبارا إلا لأنكم ساجدون.,,,,,,,, ابراهام لينكولن

Wednesday, December 28, 2011

على الطريق الى قرطاج

كبداية لا لي ان استعير التحذير الذي يستخدمه الصديق محمد عمر في بعض تدويناته , الا وهو ان هذه التدوينة قد تطول , وكثيرا 
في الحقيقة انني كنت قبل دقائق فقط استلقي على فرشتي الباردة احاول النوم , علني استريح من اللاشيء الذي فعلته منذ الصباح , فمنذ استيقظت في العاشرة من صباح هذا اليوم لم افعل شيئا مهما لدنياي او لاخراي , قرأت قليلا في كتاب "اه يا بيروت" لرشاد ابو شاور , وقد سبب لي وجعا في القلب والذاكرة , شاهدت فيلما مصريا سبب لي غباء ارجو الله ان اتخلص منه سريعا , ونعقت قليلا على تويتر وعلى الفايس بوك , وبخلاف هذا لم افعل شيئا على الاطلاق , سوى شرب ابريق شاي وتناول ساندويشة جبنة 
لا اعلم ما الذي يحصل معي منذ عدة ايام ,فانا اعاني من بدايات اكتئاب لعينة , ويبدو ان هذه الرحلة الاكتئابية ستطول الى ما بعد انتهاء مرحلة الامتحانات النهائية , لا اعلم ان كان السبب هو ان هذا العام يوشك على الانتهاء ,وبينما يفترض العقل ان اكون في قمة الحماس لبدء عام جديد , اراني اعاني العكس تماما ,فهذا العام كان مميزا جدا بالنسبة لي , وفعلت خلاله امورا لم يكن قد سبق وفعلتها , و ربما اكون قد تحدثت عن هذا في تدوينة سابقة , لست ادري ولم اعد اركز , وكل النصوص التي اقرؤها مؤخرا لم اعد اقرؤها فعلا , بل اكتفي بتمرير عيوني على الكلمات , او ربما على الاحرف فقط , بينما ذهني في اللامكان. 
قلت انني فعلت في هذا العام امورا جديدة وغريبة ولم يسبق ان قمت بها , فمثلا سافرت الى خارج الاردن للمرة الاولى , صحيح انني  كنت قد سافرت الى فلسطين من قبل , والى السعودية ايضا الا ان هذا لا يحتسب , اما لقرب المسافة او لأنني كنت اسافر برا , وهذا يعني انني لم اكن احس بالمعنى الحقيقي للسفر . على كل سفرتي هذه كانت الى تونس الخضراء , تونس ما بعد الثورة , تونس الحرة الجديدة , وقد كنت مدعوا وقتها للمشاركة في مؤتمر المدونين العرب المنعقد هناك , وقد تعرفت خلال الرحلة الى اشخاص عظام , اردنيين ومصريين وتونسيين ومن مختلف الجنسيات العربية وغير العربية ,اما طريقة السفر فقد كانت الطائرة طبعا , وقد توجهنا من مطار عمان الدولي الى مطار اسطنبول , ومن هناك الى تونس 
الكفن الجميل 
لا استطيع ان اسمي الطائرة الا بهذا الاسم , الكفن الابيض الكبير الجميل , هذه هي المرة الاولى التي اصعد فيها الى طائرة , وقد شاهدت الكثير الكثير من الافلام التي تحدث قصتها كلها في الطائرة ,والاهم انني كنت وقبل سفري بقليل قد انهيت قراءة رواية "السيدة من تل ابيب " للكاتب الفلسطيني ربعي المدهون والتي يحدث جزء غير قليل من احداثها في الطائرة ,وللاسف ان حظي لم يكن كحظ صديقنا مؤلف ذاك الكتاب , فلم التق بممثلة شابة مثيرة ,  ولا جلست الى جواري مغنية مشهورة , او ربما يكون هذا ما حدث الا ان خوفي منعني من الانتباه ,  المهم صعدت الى الطائرة ومعي حقيبة ظهر وضعت فيها كتابين اضافة الى دفتر وامور اخرى , الكتابان كانا "فلسطيني بلا هوية " للشهيد القائد صلاح خلف ابو اياد , والكتاب الاخر كان مشكلة الافكار في العالم الاسلامي لمالك بن نبي , وبما انني كنت قد قرات كتاب فلسطيني بلا هوية من قبل فقد قررت البدء بكتاب مالك بن نبي اولا , ويالحماقة ظني , فقد كنت افعل ما افعله هذه الايام , امرر عيوني على الاحرف والكلمات دون ان اقرا او اعي اي حرف مما اقرا , وربما هذا كان للأفضل , فاي قراءة هذه التي اقراها بينما انا الان اطير " حرفيا " فوق بحر الروم " البحر الابيض المتوسط " , وعندما اقكر في موضوع القراءة برمته لا استطيع الا ان اتذكر بطلة رواية "الكائن الذي لا تحتمل خفته " تلك البطلة التي كانت تعمل في "بار " على ما اعتقد والتي كانت تحمل كتابا لتتظاهر بانها مثقفة ,ويبدو انني انا ايضا اميل الى هذا الامر , فانا لا احب القراءة في الباصات وهي تصيبني بصداع رهيب , وبالتاكيد ان الاهم هو ان اعيش اللحظة داخل الطائرة لا ان اقرا كتابا من الممكن ان اقراه في اي مكان اخر سوى هذا المكان , لكنني ولانني قد غرست في نفسي ان المثقف الحقيقي يستغل كل لحظة مع الكتاب , ولانني رايت اليابانيين يقرؤون على الاشارات في "خواطر " ولأنني احب شكل المثقف اكثر من الثقافة ذاتها ربما ,على كل الحقيقة انني تركت الكتاب بعد عدة دقائق من امساكي له واخذت انظر من النافذة التي كنت محظوظا في جلوسي الى جوارها في الطائرات الاربع التي ركبتها " نعم ركبت اربع طائرات يا سادة :) " ويا رباه كم كان المنظر جميلا , بحر على مد البصر , بحر لا نهائي , بحر الى الابد , هذا ما كنت اراه امامي , وهذا ما كنت احتاجه دوما , احتاج الى البحر , الى الفضاء الي يصاحبه , احتاج الى رؤية التقاء البحر بالسماء , لأعلم ان في هذا العالم امورا اجمل واهم من سفالة الحياة اليومية , ومشاكل العائلة التي لا تنتهي , وسخافات السياسة وقرفها , لاعلم مجددا ان النقاء لا زال موجودا في هذا العالم ولو كان بعيدا عني بعض الشيء الا انه موجود , كنت بحاجة الى المتوسط لأشفى من شوقي للبحر وانا الذي لم يسبق لي ان رايت بحرا سوى الميت , "ان جازت تسميته بالبحر " البحر المتوسط مختلف تماما , مختلف جدا هو النقيض المثالي للبحر الميت , مليء بالحياة , بل زاخر بها يا سادة .
لكن قبل المتوسط كانت اهم اللحظات , ثواني الرعب , لا بل دقائقه اللاتي بدأت منذ اللحظة التي تحركت فيها عجلات الطائرة , كنت قد قرأت سابقا ان الطائرات هي وسائل النقل الاكثر امانا في العالم , وعلى الاغلب ان هذا صحيح , لكن في الوقت ذاته في حالات السيارات والحافلات , لا يعني وقوع حادث الموت , وبالتأكيد ليس بالضروروة ان حصل حادث سيارة وكنت داخلها " لا قدر الله " ان تموت محترقا , بينما الوضع في الطائرة مختلف تماما , مختلف جدا , ,فالموت محترقا او غارقا هو ما ينتظرك على الارجح , ومن ثم ما الذي يجعلني اثق في قائد الطائرة , كيف اعلم انه ليس حشاشا يحاول التعافي "او لا يحاول " او ان يكون قد طاب له ان يثمل جدا قبل ان يصعد الى طائرتنا التي ستتحول على يديه الى كفن ؟؟  ولو وثقت به فلم ثق ببرج المراقبة , وبالطيارين الاخرين الذين يحتلون السماوات !!! ولو نفرض ان السماوات سليمة تماما من الثمالى والحشاشين ومن اولئك الذين اخذوا رخصة القيادة عبر فيتامين واو " الواسطة "  فمن اين تأتيني الثقة في ان الجالس الى جواري لا ينتمي الى تنظيم القاعدة الذي اختارنا لنرافقه في رحلة نحو المجهول , او الى وزارة دفاع ما !!!
 ولا اخفيكم انني تذكرت ابطال المجال الخارجي ورأيت البطلة ليلى خالد في كامل جمالها وابهتها في خيالي الخصب , افكار كثيرة كانت تلخم رأسي وخصوصا في اللحظة التي , فارقت فيها عجلات الطائرة ارض المطار , وبدات اشعر بتخلصنا من الجاذبية اللعينة لكن الرحلة استمرت , وافكاري هدأت ومخاوفي نجحت في التخلص من بعضها بعد هنينهة من الوقت. 

Saturday, December 24, 2011

اعراس امنة ,,,ابراهيم نصرالله

اقرا منذ يومين رواية اعراس امنة للمبدع الفلسطيني ابراهيم نصر الله , وفصول الرواية تحدث في غزة في فترة الانتفاضة الثانية والحقيقة انني اجاهد نفسي على امرين 
الاول احاول جاهدا الا اسمح لدموعي بالنزول , ولا لساني بان يتفوه بقدر يفوق العادة من الشتائم الموجهة للاحتلال ولكل من يفكر بالتساهل معه , فالكاتب نجح في هذا لامر جدا , واستحضر عواطفا كنت اسعى الى دفنها في صدري عميقا 
اما الامر الثاني فهو انني اجاهد نفسي لاكمل الرواية , فالرواية بالنسبة لي وبعد قراءة اول ثمانين صفحة منها , لا زالت غير قادرة على ان تجذبني اليها , ولا تحوي احداثا مشوقة تجعلني اتلهف لمعرفة ما يحصل فيها , وهي فوق هذا وذاك كئيبة .
اما اللغة المستعملة في الرواية فأقول عنها 
كشخص يحاول ان يكون كاتبا في يوم من الايام فانني لا استطيع الا ان احسد الكاتب على براعته في استخدام الالفاظ , وعلى تطويعه للغة كما يشاء هواه 
اما كقارئ فاه هذه اللغة تزعجني جدا , وتفقد النص كثيرا من "روائيته " ولو كنت اريد قراءة شعر للكاتب لتوجهت الى قصيدته الرائعة دمهم صباح الخير , اما وقد اخترت ان اقرا له رواية فانني كنت اتوقع لها ان تكون مكتوبة بلغة الروايات 
على كل , هل انصح بالرواية ام لا !!! لست اعرف , عندما انهيها "ان انهيتها " فساخبركم 
واترككم الان مع هذين الاقتباسين منها 

‎"من السيء ان تملك رأسا صغيرا , في وطن ليس فيه سوى الهراوات الكبيرة , وفوهات البنادق المتطلعة اليك "

‎"اما نحن فلم يكن يلزمنا الكثير من الذكاء حتى نعرف ان حال زوجها جمال من حال ابينا , وحال اخوينا اللذين ظلا يتشاجران طول الوقت , كل واحد منهما يدافع عن تنظيمه , ويتشاجران , دون ان يتذكرا ان راسهما مطلوب لرصاصة واحدة , فتتدخل امي لحسم الخلاف وهي تقول لهما : مش عارفة على ايش بتتقاتلوا , ما هو اذا كنت مع حماس اسرائيل بتقتلك , واذا كنت مع الجهاد اسرائيل بتقتلك , واذا كنت مع فتح او مع الشعبية او مع الديمقراطية اسرائيل بتقتلك , اذا كنت مع المقاومة اسرائيل بتقتلك , واذا كنت مع الاستسلام اسرائيل بتقتلك , واذا كنت مع ابو عمار اسرائيل بتقتلك , واذا كنت ضده اسرائيل بتقتلك ,واذا كنت بتفتح الشباك على شان تشوف شو صاير بيجي قناص وبقتلك , واذا كنت ماشي في الشارع او نايم في بيتك بيجي صاروخ من السما وبقتلك , وعلى ايش انتو بتتقاتلوا والله ما انا قاهمة "

Saturday, December 17, 2011

الى البوعزيزي بطبيعة الحال




عام كامل على الربيع العربي , عام على اشعال البوعزيزي لشرارة الثورة العربية الماجدة , عام على خروج المارد العربي من قمقمه , فكرت طويلا في الكيفكية التي ساتحدث بها عن الربيع العربي , عن البوعزيزي , عن الاف الشهداء الذين سقطوا " ولا زالوا " في سبيل اوطانهم على امتداد العالم العربي , الاف الشهداء سقطوا في سبيل الكلمة الاغلى , والقيمة الاسمى , كيف بالامكان ان اتحدث عنهم دون ان تسح من العين دمعة , كيف اتحدث عن خير من انجبتهم هذه الامة , عن اولئك الذين اختار الطغاة ان يحرمونا منهم سريعا . قبل ان تمتلئ عيوننا وعيون اهليهم بهم . 

كيف بالامكان ان تنحي عواطفك جانبا في هذه الايام المقدسة , الايام التي اجبرتني وغيري على اعادة الاعتراف بعروبتنا , اجبرتنا على الإقتناع بان الهجرة ليست هي الحل , ارغمتنا على ان نفخر بانتمائنا الى هذه الامة , التي نهضت لتقول للعالم اننا على قيد الحياة , لتقول لمن سادوا العباد بغير وجه حق , كفى , ان هذه الامة تستحق ان تحكم ذاتها بذاتها , ان يحكمها خير ابنائها , ليكونوا خير خدم لرفعتها . 

انطلقت الشرارة بجسد واحد , جسد البوعزيزي الذي قالها في وجه الطاغية واجهزته الامنية ان هذا الجسد لا يهم , وان هذه الروح ستدفع رخيصة ان تعلق الامر بكرامتها , وهذا ما كان , هدد البوعزيزي , ونفذ تهديده , اشعل جسده الفاني لتتحرك في بقية الامة امور ظن القريب والغريب انها قد ماتت , لكن لا , الشعوب تمرض , تنام , تستغرق في النوم , لكنها لا تموت . 

عام كامل على الثورة , مر سريعا , وسريعا جدا , مر مليئا بالاحداث التي سيقف عندها المؤرخون طويلا , سيقف المؤرخون طويلا عند الحديث عن ميدان التحرير , وعن محامي شارع الحبيب بورقيبة , وعن ساحة التغيير , وعن بنغازي الباسلة , وعن دوار الداخلية , وعن المسجد الحسيني , وعن  تعز حماة ودوار المنارة . 

سيقف المؤرخون طويلا عند هذا العام الفارق في تاريخ الامة ومستقبلها , وسيرفعون القبعات احتراما واجلالا لهذه الانتفاضة التي عمت ربوع الوطن العربي , وسيتفهمون وسيعذرون تأخر الشعوب العربية في ثورتها , لانهم وببساطة رأوا " ولا زالوا يرون " حجم المؤامرة التي يرتكبها حكام هذه الامة ضد شعوبهم , رأوا تفنن القادة "الملهمين " في قتل شعوبهم في اليمن وسوريا وليبيا , رأوا قذراة الماكينة الاعلامية التي تمارس اسوأ انواع الكذب والتضليل ضد خيرة اجيال هذ الامة , اعلام كاذب مضلل يجعل من جوبلز مجرد تلميذ اخرق . 

وسيقف المؤرخون طويلا عندما يكتبون عن شباب العام 2011 , ذاك الشباب الذي لطالما اتهمه المربون والمعلمون والاعلاميون بانه جيل " فاشل " وبانه جيل مغيب , وبانه جيل لا هم له سوى السعي وراء الملذات وحطام الدنيا الفانية , ليثبت لهم هذا الشباب انه اكثر وعيا ممن بلا حق انتقدوه , ليثبت لهم هذا الجيل انه قادر على فعل ما لم تفعله الاجيال السابقة , بل انه قادر على تصحيح اخطائها وعثراتها , وربما اقول ربما انه يكون قادر على الصفح عنها . شباب الفايس بوك وتويتر , شباب المدونات والاعلام الجديد . 

هذا العام بحلوه ومره كشف عن زيف ما ادعته الانطمة المتاجرة بالدم الفلسطيني, تلك الانظمة التي جوعت واذلت شعوبها باسم فلسطين , فاتى هذا العام واتت الثورة العربية لتصرخ في وجوه الطغاة كفاكم زيفا , كفاكم متاجرة بدم الشهداء , لو كنتم ترغبون بتحرير فلسطين لحررتموها منذ زمن , لكن المسالة لم تعد كونها "شماعة " تعلقون عليها استبدادكم وفجوركم , الشعوب وحدها , نعم وحدها هي التي ستحرر فلسطين , وهي وحدها التي تؤمن بوجوب تحرير قدس الاقداس , الشعوب العربية الثائرة هي ما يرعب الكيان الصهيوني , لا الاوسمة المزيفة التي تزدان بها بزاتكم العسكرية , ولا استعراضاتكم المهينة لشرف الجندية , ولا وزراء دفاعكم . 

في هذا العام المقدس , وبعد صرخة البوعزيزي اعدنا اكتشاف معنى الوطن , فالوطن ايها الاعزاء ليس هو القائد المفدى الذي مللنا صورته المزروعة في كل شبر من البلاد , ولا هو الاسم الذي يردده التلفزيون الرسمي بتبجيل ورهبة لا تجوز لبشر , ولا هو تلك الحدود الضيقة التي رسمها الاستعمار لحظة احتلاله لأرضنا , الوطن تاريخ قبل ان يكون جغرافيا , الوطن فكرة قبل ان يكون حدودا , الوطن كرامة , الوطن حرية , الوطن هو الانسان , والانسان هو هذا الشعب المسكين , هو ذاك الشعب الذي استحمل الكذب والخداع عقودا عديدة , على امل ان يكون الغد افضل , عاش عقودا " يمشي الحيط الحيط " ولا يجد الستر , الوطن هو هذا الشعب الذي نزل ليطالب بمجده ومجد ابنائه , مجد هو لا محالة يستحقه , مجد دفع دمه ثمنا لنيله ,,,,,فناله . 

البوعزيزي كان بطلا , لكنني اظن ان ذلك الشخص الذي قرر الخروج بعدما سمع بوفاته لا يقل عنه بطولة , اك الذي قال لن يذهب دم البوعزيزي هدرا , ونزل الى الشارع ليهتف : التشغيل استحقاق , يا عصابة السراق , هو البطل , الذي لن تسجل كتب التاريخ اسمه , فكشرا له , وشكرا لروح البوعزيزي الطاهرة , وشكرا لتونس التي قال فيها محمود درويش " كيف نشفى من حب تونس !؟ الذي يجري فينا مجرى النفس " 


Sunday, December 11, 2011

عام من التدوين

منذ ما يزيد على الشهر وانا افكر مليا كيف من المفترض بي ان انهي هذا العام , عام 2011 , في العادة لا يعنيني كثيرا قدوم عام وارتحال عام , فكلها أيام متشابهة , فقدت المعنى والروح , ولكن ومنذ بداية 2011 بل وقبل بدايته كان الوضع مختلفا تماما , مختلفا جدا , وبالتحديد هو مختلف منذ ان اشعل محمد البوعزيزي نار الربيع العربي ,ليتغير بقبس النور ذاك لا شكل حياتي فقط , بل شكل الكوكب كله .
نعم العام 2011 مميز بكل ما فيه , مميز على المستوى  الرسمي , وعلى المستوى الشعبي العربي والعالمي , وكذلك هو مميز للأردن ولفلسطين , ومميز للغاية بالنسبة لي .
مميز على مستوى علاقاتي مع الناس , مميز على مستوى ما اكتبه , ومميز على مستوى حياتي المهنية والاكاديمية  , مميز على مستوى الاشخاص الرائعين الذين تعرفت اليهم خلال هذا العام العجيب.
وارتأيت ان ابدأ سلسلة وداعي لهذا العام بخاطرة الغرض منها تتويج عام كامل من التدوين على هذه المدونة المتواضعة 
منذ بداية العام قررت وعلى غير العادة الالتزام بالكتابة في هذه المدونة , وقد كنت اكتب منذ عدة سنوات , اكتب خواطر وافكار عبر موقع الفايس بوك , ووجه الاختلاف بين المدونات وبين الفايس بوك هو ان المدونات مساحة مفتوحة امام الجميع لقرائتها , بينما الفايس بوك مغلق على مشتركيه , وعلى اصدقائك فقط 
على كل عام كامل من التدوين , والحقيقة انني ارى انه من الواجب علي ان اشير هنا بشيء من التفصيل عن الاسباب التي دفعتني الى ان ادون في المقام الاول والى ان ادون 
عندما كنت صغيرا _ نعم كنت في يوم من الايام طفلا صغيرا _ كنت ناشطا جدا في
مجال الاذاعة المدرسية , وكان هذا الامر نابعا من "تديني " , اذ كنت اعتقد ان مهمة دعوة الناس تقع على عاتقي , بما انني عرفت الصواب , او على الاقل ما اظن انه الصواب , ولذا فلم يكن يخلو صباح مدرسي من طلتي البهية , اصعد الى حيث يجب ان اقف عندما اخاطب الناس , وامسك "المايك " بثقة بت الان افتقدها جدا , واخاطبهم بصوتي الجهوري  عن ورقة او ارتجالا في بعض الاحيان , اتكلم عن الصلاة , عن 
مكارم الاخلاق , عن اشياء كنت اراها خاطئة 
المهم هذا ما كان يحدث خلال ايام المدرسة ,  ولكن ذهاب تلك المرحلة وانقضائها , لظت حاجتي الى ان اتكلم موجودة , بغض النظر عما كنت اريد قوله , وبغض النظر ايضا عن التغيرات الفكرية التي طرات على هذا الرأس الجالب للمشاكل , وبما ان وسلة التعبير عن الذات والافكار الاولى لم تعد موجودة فانني وجدت ضالتي في هذه المدونة , اعبر من خلالها عن رؤيتي لنفسي وللعالم , واضع فيها افكاري المتواضعة جدا , سواء اكان الكلام الوارد فيها يعجب الناس ام لا ,يحطم التابوهات المقدسة ام لا سواء اتراجعت عن هذا الكلام لاحقا ام لا 
ما احتاج اليه باختصار هو مساحة اعبر فيها عن فرحي , غضبي , حزني , حبي , المي , غدي , يومي ,ماضيّ ,اعبر فيها عن كينونتي , اعبر فيها عما يجري حوله , عما اؤثر واتاثر به . 
المدونة مساحة انتصر فيها على هزائمي المتكررة , وفيها انفجر 
فيها اصرخ للعالم بان هنالك خطا ما في هذا العالم ولابد من تصحيحه , اصرخ مستنجدا بأحد ما لينقذ وردة ما من ان تسحق 
المدونتي قلبي الذي ارتضيت عن طيب خاطر ان اشارككم مشاعره , وعقلي الذي احببت مشاركتكم افكاره 
مدونتي صرخة في زمن الصمت 
مدونتي  المكان الوحيد الذي اختلي به 
مدونتي المكان الذي اكون به على طبيعتي تماما 
وكيوم ولدتني امي اصرخ باكيا او شاتما او ضاحكا , هذا ما اريد 
بعد عام كامل من التدوين اقول 
انا ادون ,,,,, اذا انا موجود 

Saturday, December 10, 2011

المهزلة القطرية


من باب التذكير بالشيء لا اكثر 
المطلوب من الشعوب العربية يختلف تماما عن المطلوب من الشعب الفلسطيني وذلك بحكم اختلاف الاوضاع 
بمعنى انه من المقبول من الشعب الفلسطيني ان لا يقاطع البضائع الصهيونية وذلك لانه لا غيرها امامه , وتكون اقصى المطالبات هي المطالبات بمقاطعة بضائع المستوطنات 
بينما لا يقبل هذا من الشعوب العربية وذلك لأن امامها كل اسواق العالم ولديها ترف الاختيار 
واستطيع تطبيق ذات الكلام سياسيا : فالشعب الفلسطيني او بالاحرى قيادته السياسية عندما تطالب بدولة على حدود الرابع من حزيران فانا على الاقل لا انظر لهذا الامر على انه "تفريط " _ مع انني شخصيا لا اثق بقيادتنا الحالية _ وانما يعتبر هذا الامر واقعية سياسية , بينما عندما تبادر دولة غنية جدا كامارة قطر الى الاعتراف باسرائيل وهنا اشدد على عبارة تبادر كما حدث في صورة افتتاح دورة الالعاب العربية .فانها تستحق ادانة لا تماثلها ادانة  , ادانة تجبرني على الترحم على وديع حداد و خليل الوزير , الذين لو كانا حيين الان لعرفا كيف يتعاملان مع هذه المهزلة 
اتفهم المواقف التي توصف بانها ترف او حتى مزاودة كما تفعل ايران مثلا , لكنني ابدا لا استطيع تفهم السعي القطري الدؤوب وراء التطبيع !! اهي عقدة الحجم ؟ والبحث عن دور اكبر مما تستحق دولة كقطر ؟ 
ماذا لو ان الفلسطينيين رفعوا بالخطأ صورة للخليج العربي مكتوبا عليها "الخليج الفارسي " الن يستفز لأجل هذا شيوخ النفط !! الن نرى الجزيرة والعربية تتوحدان للمرة الاولى على تخوين سلطة رام الله وسلطة غزة ؟؟ 
قليل من المبادئ لا تضر