Friday, December 30, 2011

عبودية القرن الحادي والعشرين



"ولد الانسان حرا الا انه مكبل بالاغلال في كل مكان , وهو يتصور نفسه سيد الاخرين الا انه في الحقيقة اكثرهم عبودية "

هذه العبارة هي ما استفتح الرائع جان جاك روسو به كتابه الخالد " العقد الاجتماعي " والذي لن امل من ترديد عبارة انه كان انجيل الثورة الفرنسية بحق

لكن ما الذي يعنيه روسو بهذا الكلام , خاصة وان العبيد قد حرروا منذ قرون , كما وان وان المساواة بين الناس قد تحققت " نظريا " منذ عقود فهل يبطل هذا الكلام ما قاله روسو ؟

دعونا ننظر الى احوالنا ونرى هل نحن عبيد كما قال روسو ام اننا احرار كما يحلو لنا ان نظن , وهل بتحرير ابراهام لينكولن للعبيد لم يبق في العالم عبيد فعلا ؟

تخرج من بيتك في السابعة صباحا , لتصل الى العمل في الثامنة , وتظل هناك الى الرابعة على احسن تقدير

لكن لماذا اعمل ؟

لأقوم بتوفير مستوى حياتي ارغب به بشدة

ما الذي سيحدث لو لم اعمل كل تلك الساعات ؟

سأجوع , او على الاقل فإنني لن اعيش كما اريد

لكن السؤال هنا : هل هذا فعلا ما تريد ؟؟ ام انه ما ربيت عليه , وما نُمِّي عليه عقلك



ما اراه هو ان المجتمع , والاعلام ساهم بل انه قام بغرس فكرة اننا لا بد ان نعيش بهذه الطريقة وان نعمل هكذا لنكون بشرا نستحق الاحترام

وان اي تقصير في اداء هذه المهمة المقدسة هو فشل يستحق مرتكبه ان ينبذ وان يخرج من دائرة "المجتمع "

هل فهمتم شيئا من كلامي ام انني اهذي ؟

حسنا ساحاول ان اشرح مرة اخرى

السيارة الفارهة , البذلة ايطالية الصنع , الزوجة الجميلة , الاطفال اللطيفون "الامامير " الرصيد البنكي الجيد , المكتب الواسع ذو النوافذ الكبيرة , الموظفون الذين يبادرون الى نفاقك بمجرد اشاعة خبر ترقيتك او مرضك , والفندق ذي النجوم الخمس لدى سفرك او عند اجازتك ؟

هل هذه هي الحياة ؟ وهل هذه هي السعادة وهل هذه هي الحرية , ام ان الاعلام والافلام والمجتمع المحيط بنا هو من افهمنا ان هذا هو ما علينا ان نفعله

ان تكرار الاكذوبة مرة تلو المرة وعلى مدى اعوام كما حصل للبشرية سيحول الاكذوبة الى حقيقة , حقيقة في اذهاننا , وسيجعلنا نفكر بل ونصدق ان هذه الحقيقة " الاكذوبة " نابعة من داخلنا

والا اي سعادة تلك التي اسعى ورائها ان كان علي ان اعمل في وظيفتين لمدة اربعين عاما ؟؟؟ ولمن اقوم بتجميع تلك الثروة والتي اخبروني انها هي السعادة وان جمعها هو الحياة الفضلى ؟؟

ابدأ بالعمل وعمري 22 عاما ولا اكف عن العمل الا بعد ان اتجاوز الستين , ان بقيت حيا الى الستين!! , وبعدها يقول لي المجتمع ان علي ان انتظر حسن الختام

يا سلااااااااااام !!!!؟

قبل قرون كان في بيت كل انسان ابيض عبد اسود فهل كان هذا صوابا ؟ بالطبع لا , لكن المجتمع كان راضيا لا بل ومشجعاً على هذا الاستعباد

واليوم لدينا في كل بيت عبد او اكثر , عبد ابيض او اسود او اصفر , لا فرق , لكنه عبد لا يجلد ان لم يطع الاوامر , لكنه يقابل بالنبذ ان لم يطعها , عبد ببزة غالية الثمن

والمشكلة في هذه العبودية , وما يجعل التخلص منها اصعب بكثير من سابقتها هي انه وبسبب عقود من غسل الدماغ باتت هذه العبودية جميلة لطيفة , ولذلك ساوصم بالجنون لمطالبتي هذه بالانعتاق منها , وهنا لا استطيع الا ان استرجع ما قاله مالكوم اكس عن الفارق بين عبد المزرعة وعبد المنزل




http://www.youtube.com/watch?v=UQ_VWpJj0Dw



نعم الان لدينا عبيد , او لدى الفكرة المزروعة في رؤوسنا عن السعادة عبيد , وعبيد كثر

عبيد يظنون انهم اسياد الاخرين " كما قال روسو " لكنهم في الحقيقة اكثر عبودية منهم جميعا

وكلما زاد ما يملكه كلما زادت عبوديته , وكلما زاد جهله بهذه العبودية




وسابقا قال درويش : لي حكمة المحكوم بالاعدام , لا اشياء املكها لتملكني "

اولم نسمع مرارا عن اشخاص كانوا في غاية الثراء لكن مذكراتهم فضحة فقرهم , مذكراتهم قالت بان جل ما كانوا يتمنونه في اواخر عمرهم وبعد جمعهم لثرواتهم , هو ان يستعيدوا حبا ضائعا , او ان يتنعموا بمشهد الغروب على شاطئ مهجور

او عن رغبتهم العارمة في ان يكونوا فلاحين في حقل ما , لا رئيس لهم ولا موظف ولا مسؤولية العناية بهذا الحقل ورعايته وكأنه طفلهم ووحيدهم

حتى يمكنك التداوي من المرض لابد عليك بداية ان تعترف بانك مريض

وحتى تتخلص من اغلال العبودية لابد وان تعترف انك عبد

وكما يحدث مع المرض , انت لم تختر ان تمرض , وكذلك انت لم تختر ان تكون عبدا , ولكن عندما تعلم انك مريض فعليك التداوي والا صرت مذنبا بمرضك , وكذلك الامر هنا عندما تصل الى حقيقة عبوديتك تصير مسؤولا عنها ومذنبا بالسكوت عليها

اتمنى ان اكون قد عبرت عن فكرتي بكلمات لا تجعلها اكثر غموضا








إنهضوا أيها العبيد، فإنكم لا ترونهم كبارا إلا لأنكم ساجدون.,,,,,,,, ابراهام لينكولن

No comments:

Post a Comment