Friday, November 30, 2012

أفكار حول الدولة غير العضو


                           أفكار حول الدولة غير العضو
في البداية لابد لي ان أنبه إلى أمر غاب عن الذكر في العديد من النقاشات التي دارت أمامي على الانترنت او في العالم الواقعي  حول الدولة , وهو موضوع الشرعية الدولية وأهميتها , وموقفي الشخصي من الموضوع هو ان بإمكان الشرعية الدولي أن تضرب قرارتها بعرض الحائط , وإن شائت فلتجلب لنا القرارات الدولية منذ أول قرار لمجلس الامن وحتى قرار البارحة حتى نستعملها كورق تواليت او كحفاظّات لأطفال المخيمّات سواء من سمع منهم بمجلس الأمن او من لم يسمع .
وكلامي هذا لا يعني ان الشرعية الدولية والمؤسسات المنضوية تحت إطار هيئة الأمم المتحدة وغيرها من المؤسسات الدولية غير مهمة أو دعوني أقل نحن بها غير معنّيون , على العكس تماما , فكل ساحة يتواجد فيها الكيان الصهيوني وداعموه يفترض بنا ان نغشلها وألّا نتركها شاغرة لكي يبث فيها الصهاينة اكاذيبهم ويتحصلوا من خلالها على فوائد تعود علينا وعلى قضيتنا بالضرر , وهذا الكلام ينطبق على الإعلام وعلى المؤسسات الدولية وعلى الرياضة وعلى مختلف مناحي الحياة , و تعلمون جميعا أن الصراع مع هذا العدو صراع شامل ساحته الدنيا كلها .
اما كيف نجمع بين الأمرين السابقين فيتم ذلك من خلال العمل على تدعيم الموقف الفلسطيني في كافة المحافل الدولية  والعمل على ضمان تأييد شعوب وحكومات العالم لنا _بما لا يتعارض مع حقوقنا _ وتعرية الكيان الصهيوني حيث أمكن .
ولذا فقرار الأمس سيمكننا كفلسطينيين من تقديم الكيان الصهيوني وقادته إلى المحكمة الجنائية الدولية على ما اقترفوه بحق شعبنا من جرائم لا ينكر تورطهم فيها إلّا أحمق , وعلى الرغم من أن تاريخ هذه المحكمة غير حافل بالإنجازات الكبرى إلّا ان التشهير بقادة هذا الكيان في الإعلام الدولي أمر غاية في الأهمية ومفيد
لكن السؤال المهم هو هل تجرؤ القيادة الفلسطينية الحالية على فعل ذلك , وعلى رفع قضايا على بيبي نتنياهو وباراك وغيرهما أم أن ما التاريخ سيكرر نفسه وسنحول "الإنتصار " إلى فشل ؟

                                                    2
يقول جوروج أورويل في روايته العظيمة " 1984 " على لسان بطل الرواية : "إن يكن ثمّة من أمل فهو معقود على العامّة " , واسمحوا لي ان أحوّر ما قاله أورويل ليصبح : إن يكن ثمة من امل فهو معقود على اللاجئين " .
كان من الجليّ جدا بالأمس أن معظم الغاضبين والحانقين على القرار الذي اتخد في الامم المتحدة كانوا من لاجئي الشتات  , وحق لهم ذلك , إذ رأوا أن الوطن الذي استشهد لأجله عشرات الألاف من أبناء شعبنا قد تم مسخه , وما حدث في أوسلو " الكارثة " قد تم تكريسه بالأمس , وان ما تحدث عنه عباس , اعني حق العودة وما فهم من كلامه أنه تنازل عن حق العودة قد توّج رسميا بالتصويت , ومع ما شهدته بعض المدن الفلسطينية من احتفالات امتدت حتى وقت متاخر من الليل  يحق للاجئين أن يتسائلوا : هل باعنا هؤلاء ؟
قبل ان احاول  الإجابة على السؤال الذي ورّطت نفسي فيه دعوني أقل لكم الكلام التالي : أنا في فلسطين منذ ما يقل عن الشهر ولا أعتقد انني المقيم في رام الله فقط أستطيع تكوين رأي امين حول الوضع هنا في الضفة المحتلة , ومع ذلك فقد بات جليّا بالنسبة لي أن السلطتين _غزة والضفة_ تتمتعان بقدر من الشعبية , وإن لم يكن ما شاهدته شعبية فسأصحح كلامي وأقول ان عدد المنتفعين من وجود السلطة هنا وهناك _لعنة الله على من اضطرني إلى استعمال هذين اللفظين _ كبير , رواتب وامتيازات ووظائف واستقرار _ على الخازوق_ وبالتالي فإن إمكانية بروز تيّار ثالث على الساحة الفلسطينية أمر غاية في الصعوية ولا أرى أنه ممكن في المدى المنظور , والتفكير في ان الجبهتين أو الجهاد الإسلامي قادرون على خلق هذا التيار إنما هو ضرب من الجنون والهذيان .
ولذا وما أريده قوله هنا دونما إطالة أنه "إن يكن ثمّة من أمل فهو معقود على اللاجئين " ,الكرة الان في ملعبكم يا أصدقائي , اعرف تماما حجم الصعوبات التي تواجهكم , ومقدار الضغط والحمل الذي تواجهون في دول الشتات ,لكن في الوقت ذاته وحتى لا تتحول مخاوفكم إلى حقيقة فإن عليكم إيجاد حلول عملية مبدعة من أجل خلق هذا الطرف الثالث والذي إن لم يكن قادرا على حل القضية فإنه على الاقل سيشكل فزّاعة ترعب راكبي السيارات الرابعية مدمني الجلوس في المكاتب تحت المكيّفات . ويمنعهم من الإنبطاح أكثر مما هم منبطحون , والإنقسام أكثر مما هم منقسمون .
لست أحاول هنا ان ألقي بالحمل عن اكتافنا نحن الموجودون هنا ولكنها محاولة لشيء من الصراحة مع الذات ومع الغير . وبالنسبة للقرار ونتائجه فما هي إلّا أيام و ستتضح الصورة كاملة .
                                                3
ما الذي سيحدث غداً بعد ان تذهب السكرة وتأتي الفكرة أو العبرة ؟ هل ستذهب "القيادة " إلى الجنائية الدولية أم إلى مائدة التفاوض ؟ وإن حدث هذا الأخير فماذا سيكون موقفنا من هذا وهل نستطيع النزول إلى الشارع للمطالبة بألّا تصافح أيدينا اليد التي لا زال دم أبنائنا عليها ؟ أم ان "الشرعية " التي نالها العائدون من نيويورك وما صاحب التصويت من تهليل إعلامي وتطبيل فصائلي ستجعلنا غير قادرين على الهتاف ضدهم ؟
أنا شخصيا لا أعرف وأترك لكم أن تجيبوا عن هذا التساؤل او على الأقل ان تفكروا فيه "وأنتم لا شك فعلتم " . 

Friday, November 16, 2012

التنسيق الأمني 101

عن أول مظاهرة لي في أرض الوطن , وعن التنسيق الأمني 

صباح اليوم _أول يوم للعدوان على غزة _ كنت أقرأ في رواية الشاعر الفلسطيني مريد البرغوثي رأيت رام الله , وهي
 رواية كتبها بعد عودته إلى فلسطين بعد حوالي ثلاثين عاما على إبعاده عنها ! وقد سجل في هذه الرواية ما شاهده في رام الله " الجديدة " وما لاحظه من تغيرات وأمور أخر 
وقد قررت بحكم أنني أعود إلى رام الله بعد حوالي خمسة وعشرين عاما "هي عمري 
"قضيتها في الأردن لأقرر بعدها ان الوقت قد حان لأعود إلى بلدي , وها أنا فعلا أستقر في رام الله , وبما أنني قرات كتاب مريد البرغوثي فقد قررت ان أبدأ بتدوين يومياتي  بصفتي عائدا إلى أرض الوطن , وقد يكون للطريقة التي أنظر بها إلى الأمور أهمية ما 
لكن القدر قد اختار لي أن يكون هذا اليوم يوما مميزا إذ ان الإحتلال الصهيوني قد قرر اغتيال القائد أحمد الجعبري اليوم وبذا تغير كل شيء , واليوميات التي كان يفترض بها ان تكون "عادية " لاشك ستتغير إذ يبدو في الأفق أننا مقبلون على أيام سود , فيها الكثير من الدم الفلسطيني المسفوك , في سيناريو مكرر للعدوان على غزة 2008 
على كل وبعيدا عن الإطالة فقد قرر مجموعة من الشباب وبشكل عفوي للغاية وبعد سماعنا لخبر القصف على غزة وخوفنا من القادم , قررنا ان نخرج في مظاهرة تحتج على السفالة الصهيونية المتجددة وتطالب الفصائل الفلسطينية بالعودة إلى الوحدة والتركيز كما يقول المنطق _منطقنا نحن على الأقل _ على مقاومة الإحتلال على اعتبار أننا لسنا أفضل حالا من غزة بكثير فالضفة أيضا أرض محتلة , ولابد من تحريرها . 
وبالفعل يا اعزائي تداعينا إلى المنارة , وقد كنا خائفين من أن يكون  لا عددنا يفوق الخمسين شخصا , لكن ما حدث اننا كنا عدة مئات من الأشخاص من مختلف الإنتماءات الفكرية والحزبية وانطلقت المسيرة من دوار المنارة ودارت في المنطقة قليلا وكانت الهتافات تتحدث عن ضرورة العودة للوحدة الوطنية , وعن ضرورة استعادة المقاومة العسكرية لدورها كمدافع عن شعبها , وبعيدا عن بعض الهتافات الخارجة عن الصف , والتي هتفت للرئيس أو هتفت هتافات فصائلية فقد كانت المسيرة مقبولة وكأول مظاهرة لي في الوطن فقد كنت راضيا عنها إلى حد كبير , وقبل أن تنتهي المظاهرة وعوضا ان نعود إلى المنارة كما كنا نتوقع توجهت المظاهرة إلى أحد الشوارع الفرعية وبالطبع بما أنني لا أعرف عاداتنا في التظاهر فقد مشيت مع الماشين لأكتشف فيما بعد أننا ذاهبون لمستوطنة بيت إيل , بصراحة لا أعرف ما الذي كنا سنفعله هناك , هل سنشتبك مع جيش الإحتلال مثلا ؟ أم ربما سنقتحم المستوطنة ؟؟ كل شيء بالنسبة لفلسطيني يكتشف فلسطينيته كان جائزا 
لم أكن أعرف أهمية هذه الخطوة التي نقوم بها حتى قال لي أحد الأصدقاء أننا كشباب لم نتوجه في مظاهرة ضد مستوطنة بيت إيل منذ مدة ! وهذا يعني أننا نقوم باختراق خطوط حمراء لدى جهتين ستعرفونهما بعد قليل 
بالطبع لدى اكتشاف الناس أننا ذاهبون إلى بيت إيل انقسموا إلى قسمين , قسم متحمس للذهاب والقسم الاخر رأى أن هذه مغامرة غير محسوبة , ولذا فقد رجع من رجع لكننا واصلنا مسيرنا والهتاف "إلى بيت إيل , إلى بيت إيل " .
وهذا ما حدث  , مضينا إلى المستوطنة , وقد هتف أحد المشاركين أن السلطة تحاول قمعنا , فظننت أن صديقنا يفتري على قوى الأمن الفلسطينية , لكن ما حدث فعلا هو انه على بعد مئة متر كان صف من قوى الأمن الفلسطينية متشابك الأيدي يقف أمامنا في محاولة لمنعنا من العبور , بالنسبة لي توقفت حتى أرى كيف سيتعامل المتظاهرون المحترفون مع الموقف , وبالفعل نجحوا في اختراق الحاجز الأمني وعبرنا راكضين ,عدة مئات من الامتار , لنشاهد ذات المنظر يتكرر للمرة الثانية , ولكن هذه المرة كان عدد قوات الأمن أكبر من عددنا وكانوا واقفين في عدة صفوف , منهم من يحمل الهراوات , ومنهم من يحمل الأسلحة النارية , الأمر الذي استفز بعض المتظاهرين فهتفوا لقوى الأمن قائلين : "حامل سلاحك ليش ؟ يللا صوبوا على الجيش " والجيش هنا المقصود به جيش الإحتلال الذي كان دورياته تقف على بعد عدة مئات من الأمتار منّا . 
حاول المشاركون عدّة مرّات عبور الحاجز الأمني إلّا أننا عجزنا , وبدا واضحا أن هذا هو أقصى "تماد" ستسمح لنا السلطة بارتكابه حتى لو كان هذا يعني قمعنا !
بقينا قرابة الساعة أو أكثر على هذه الوضعية ,حتى قررّنا العودة بعد ان حاولنا فعل شيء لتخفيف العبء عن غزة ! 
لدي الكثير الكثير من الملاحظات حول مظاهرة اليوم , وسأحاول قدر الإمكان ألّا انشر الغسيل الوسخ هنا , وسأترك ذلك للجلسات المغلقة 
ملاحظات : 
لم اعتد كثيرا على كون الفتيات هن البادءات في الهتاف , وهذا ما حدث اليوم إذ كانت أغلب الهتافات تأتي من الشابات , وهذا أمر عظيم , أعني ان تعرف المراة الفلسطينية أن لها دوراً , ودوراً مهما جدا في العمل النضالي , وقد كانت نسبة الشابات في المظاهرة كبيرة , وهذا ما يذكرنا بأيام الانتفاضة المجيدة عندما كانت أغانينا تقول : الشب بحد الصبية 
على ذكر أغنية الشب بحد الصبية , أظن أن على الإسلاميين أن يراجعوا موقفهم من المرأة , أو على الأقل على فصائلنا الاسلامية الفلسطينية , وكذلك على فتح أن تراجع نظرتها ونظرة كوادرها للمرأة بشكل عام وللمرأة الفلسطينية بشكل خاص , فالمرأة مكانها ليس هو المطبخ , ولا حتى رمي الحجارة من أسطح البيوت , المرأة شريكة وعضو فاعل في العمل الوطني وأي استبعاد لها تحت مسمى " العيب " أو بسبب العقلية الذكورية الشرقية , إنما هو خدمة جليلة نقدمها للإحتلال , إذ ان استبعاد المرأة يعني استبعاد خمسين بالمئة من قوة المجتمع!!! وهذا بالتأكيد ما لا نريد . 
ملاحظة اخرى : إن لم تكن كل مظاهرة نخرج فيها عبارة عن درس لنا , وعن طريقة نصحح بها أخطائنا السابقة فعلى الأغلب أن تظاهرنا هو أمر عبثي , وهو مجرد محاولة بائسة منّا لإرضاء الذات وللتفريغ عن الغضب المحتدم داخلنا , وهذان السببان برأيي غير كافيين للتظاهر , فعلينا كنشطاء وكشباب أن نعمل على تطوير أساليبنا دوما  , وعلينا أن نطور من العقلية التي بها ندعو الناس للمشاركة , وعلينا بالتاكيد أن نجد طريقة ما لتجنب المشاكل التي تسببها لنا السلطة بطرق غاية في الذكاء , وهي تفعل ذلك عن طريق نصب أفخخاخ لنا لا نكف أبدا عن الوقوع فيها ! 
وعلى ذكر السلطة فإن قوى الأمن التابعة لها منعتنا اليوم من "الاشتباك " مع المحتل , و بالطبع فإن الحجة التي يستعملونها لتمرير قرار كهذا هو الحفاظ على حياتنا كمواطنين فلسطينيين من رصاص المحتل , والحقيقة أن هذه الحجة لا تصلح فما تخاف منه السلطة حقا هو أن نشتبك مع الجيش فتكون هذه شرارة انتفاضة ثالثة لا أحد يعرف إلى أين من 
الممكن لها أن تقودنا ! 
وربما تكون المفارقة الكبرى فيما حصل اليوم هو أن السلطة كانت قد نظمت في ذات اليوم صباحاً  يوما للمقاومة الشعبية , وقام العديد من المواطنين بمحاصرة المستوطنات , ولكننا عندما قمنا بذات النشاط بعيدا عن أجندة السلطة ومن غير أخذ لإذنها صار ممنوعا عليها ذلك وهددنا بالقمع , صحيح أن هذا التهديد لم يكن واضحا بالقول لكن مجرد حمل الشرطة لهراواتها وأسلحتها النارية فإنه أمر أكثر من كاف لإيصال الرسالة ! 
هذه كانت تجربتي الأولى مع الأولى مع التنسيق الأمني سيء الصيت , وقد اتضح لي |أن ما يقال حوله يكاد يكون صحيحا , 
وفي انتظار مواجهتي الأولى مع جيش الإحتلال , كل مظاهرة وأنتم بخير