Monday, July 25, 2011

الاذاعات الاردنية : ايذاء على الهواء


 بإمكانك ان تعرف وضع البلد " اي بلد " من خلال الاستماع الى الاغاني  التي تبثها الاذاعات الرسمية وغير الرسمية 
وللأسف فإن الاردن لا يشذ عن هذه القاعدة 
ولنفترض انك عشت خارج الاردن فترة من الزمن وقررت في يوم من الايام ان تعود لبلدك ,وبعد ان تستعيد ذكرياتك مع الشوارع , والاماكن والازقة والحواري القديمة , ما بقي منها وما اندثر , ستنام كطفل صغير على وسادتك التي هجرتها قبل سنين 
ولنفترض انك قررت في صباح اليوم التالي الاستماع الى نشرة الراديو , وعندها اضمن لك تماما انك ستصاب بمفاجأة العمر كله , وستظن انك وجه نحس على هذه البلاد , فبمجرد تشغيلك للمذياع سيتبادر الى ذهنك ان الاردن وخلال ليلة الامس قد دخل حربا ضروسا 
وستنتظر على احر من الجمر بيانات الجيش والحكومة  وحيثيات المعركة , بل وربما ستبادر على الفور الى خزانة ثيابك القديمة وستخرج منها زيك العسكري القديم 
"البلد طلبت اهلها !!! وانا عنها لمدافعون " هكذا ستقول لنفسك 
وبعد دقائق على كل هذه الاثارة "دقائق او اكثر " ستحل بك مفاجأة العمر الثانية : اذ سيخرج عليك صوتٌ من المذياع يُصَبِحُ عليك وعلى كل من يحب الاردن , ويمزح ويمرح ويمارس الضحك " او شيئاً اخر بحسب بعض الاراء " مع شخصية تدعى  "قليليو "  , وستصاب بالكثير من الارتباك حتى انك ستتصل بصديق لك وتسأله والحيرة تكاد تقتلك عما يحدث في بلدك , , فيضحك على قصتك  حتى تدمع عيناه 
ويطلب منك ان تروي عليه القصة مرة تلو الاخرة , فلا يمل ولا يتعب من سماعها بينما تزداد حيرتك من السبب الذي اضحكه  بينما كان ظنك انه سيشاركك الحيرة والاستغراب 
وكيف لا تستغرب وانت تستمع الى  قناة اذاعية  تضع لك انت ايها  المواطن العادي اغاني لا تبعث فيك الحماس الوطني فقط ,  بل وتجبرك على ان تخرج من بيتك ممتشقا سلاحك باحثا عن ايما عدو , ولو كان طاحونة هواء 

كيف لا تشعر بالانفعال وانت تستمع الى شاب من  بلدك يردد وبأعلى الصوت : اللي يعادي اردنا ,,,نخلي عظامه تتطقطق؟؟؟؟ 
كيف لك الا تعيد تنظيف سلاحك القديم وانت  تستمع الى اغنية , تبرق وترعد , نزلت الصاعقة تبرق وترعد؟؟؟
كيف لا تستعيد مشاعر ايام الجندية وهو يستمع الى الى الاغنية القائلة 
طل النشمي من الخندق , الاخضر واليابس احرق؟؟؟؟

نعم ايها السادة هذا ما تقوله الاغنية وعشرات من امثالها 
هل تتخيلون حجم المشاعر التي انتابت هذ االشخص عندما سمع كل تلك الكلمات 
فظن ان المعركة قد بدأت بينما كان نائما , واعتبر صوت الطائرة " المدينة " التي كانت تحلق بالجو , غارة لطيران معاد !!!؟

ولو جرب صديقنا تغيير القناة لما تغير المضمون كثيرا , فهو كان سيستمع لا محالة الى مذيع بصوت متزن , لكن هذا الصوت المتزن لا يصاحبه كلام متزن , فالمذيع وبعد ان يصبح على الاردنيين يبدأ بتحديد وتوضيح من هم هؤلاء الاردنييون , لانه وبحسب ما سيفهم صديقنا يعاني الاردن من وجود قلة مندسة تحاول تخريب البلد , وتدميرها من الداخل , 
وهؤلاء المندسون اذكياء جدا " بحسب رأيه " اذ انهم يخاطبون الناس ويضحكون على الشبان  بشعارات براقة , ووعود واحلام جميلة " في الظاهر طبعا " بينما هي في    
الداخل السم الزعاف والموت الزؤام 
ويلم الحكومة على تقصيرها في التعامل معم بالحزم والشدة المطلوبتين 
ويبارك في الوقت ذاته ما قاله المتصل عبر الهاتف والذي توعد كل من يحاول " العبث بامن هذا الوطن وامانه بالموت والحرق والشنق والسلق  وان يداس كما الحشرات بالبساطير " 
فيحمد صديقنا الله عز وجل ان سخر لبلده هذا الناطق بالحق , العازم على على تطهير 
البلاد وافكار العباد  , ويخرج من بيته عاقدا العزم على مشاركة اخوانه واهله تطهير  .
البلاد من تلك الجراثيم 

ثم وبعد هذه الجرعة المفرطة من التجييش والتحريض والتحشيد التي يتلقاها المواطن الاردني على الريق نتسائل : لماذا نتعامل كلنا مع بعضنا البعض بعنف , ولماذا تنتشر المشاجرا تالجماعية في الجامعات , ولماذا نصر على اطلاق العنان لرصاص رشاشاتنا في الاعراس و حفلات التخريج , بل وحفلات الطهور , ولماذا لدينا جرائم شرف , وابٌ يتلذذ بضرب ابنائه , وام تتفنن بإطفاء اعقاب السجائر في اجساد ابنائها 

ايها القائمون على الاذاعات الاردنية , ايها القائمون على الاغاني الوطنية الاردنية : كمية العنف التي تبعثون بها لعقول شبابنا غاية في الخطورة. والخوف كل الخوف من ان ينفلت هذا العنف من عقاله , وعندها لن ينفع الندم , ولا كل محاولات التعقيل والتهدئة والتصبير

فالله الله في شبابنا , الله الله في عقولنا