Monday, May 23, 2011

الى المجلس العسكري :لقد بدأ صبرنا ينفد

هذه الرسالة توجه الى المجلس من الاردن 


كانت واحدة من اجمل ليالي العمر , بل كانت اجمل ليالي عمري على الاطلاق ,اجمل من الليلة التي علمت فيها انني نجحت في الثانوية واعلم تماما انها ستكون اجمل من يوم زفافي ,
هي ليلة  الحادي عشر من فبراير من هذا العام ,ليلة تنحي الديكتاتور المصري حسني مبارك 
تركت العمل يومها غير عالم بما حدث في مصر مستعجلا العودة الى البيت علني اسمع خبرا جيدا عن اداء الثورة هناك ,لكن الهاتف كان اسرع ,عشرات المكالمات تنهال علي من كافة الاصدقاء تهنئ وتبارك وتسألني ان كنت متوجها مع المتوجهين الى السفارة المصرية في العاصمة عمان ,ولحظتها تبددت الشكوك وبات الامر جليا فالطاغية تنحى , ودموع الفرح انهالت على الخدين 
وعلى بوابة السفارة رفعنا العلم المصري وهتفنا لمصر وانشدنا نشيدها الوطني الذي استعصى علينا حفظه , على بوابة السفارة علمنا ما الذي تعنيه لنا ام الدنيا , وعلى بوابة السفارة اكتشفنا كم نحبها , وكم كنا نكره الفرعون 
عشرات الاف من الاردنيين الذين ربما لم يسبق وان شاركوا في تظاهرة من قبل هتفوا حتى الساعات الاولى من الفجر "الشعب المصري اسقط النظام , هتفنا بالحرية لفلسطين الجريحة ,هتفنا للأمة العربية من اقصاها لأقصاها ووعدنا فلسطين ان دورها قد اقترب وان هي الا ساعات وستعود فلسطين الى حيث يجب لها ان تكون . 
لماذا كل هذا الفرح ؟ 
هذا الفرح الشعبي العربي الذي عم الامة من المحيط الى الخليج يعود الى اسباب عديدة ومتنوعة 
فالبعض منا كان يكره الطاغية لاجل ما فعله بالمصريين , لاجل خالد سعيد وسيد بلال 
او لطوابير العيش وشهدائه 
والبعض كان يكره الفرعون لتصديره الغاز للكيان الصهيوني , و لبيعه دم شهداء غزة 
و البعض منا فرح لفرحة الشعب المصري , فرح لأن الشعب المصري جزء منا ونحن جزء منه وسيظل كذلك ابدا , مهما حاولت "كامب ديفيد " فصله عن محيطه العربي 
فرح الفلسطينييون لأن لمصر في قلوبهم مكانة لا تبلغها اي شقيقة اخرى 
فرح الفلسطينييون لأنهم قرأوا في التنحي : اليوم شرم وغدا القدس 
فرح الفلسطينييون لانهم علموا يقينا ان المعبر سيفتح , علموا جيدا ان المصالحة بين شطري الوطن الجريح ستتم 
فرح العرب والفلسطينييون لأنهم رأوا الرعب في عيون الصهاينة لحظة التنحي 
فرحنا لأننا رأينا ثقة المصريين في جيشهم وراقنا جدا ذلك الهتاف التاريخي "الشعب والجيش ايد وحدة " وتمنينا ان يكون الامر فعلا كذلك , صحيح ان وقوف الجيش على الحياد في بعض المواقف اثار استغرابنا  واثار الاستهجان في بعض الاوقات الا اننا "لن نكون ملكيين اكثر من الملك " ولا مصريين اكثر من ابناء مصر وهم من قاموا بالثورة وهم من سيكملونها ولذا هم اخبر بجيشهم وبالاوضاع على الارض 
وفرحنا جدا ونحن نرى ان المجلس العسكري يتسلم زمام الامر 
صحيح ان الثوار كانوا يهتفون مدنية مدنية لكن لا بأس من ان يقود الجيش البلاد في المرحلة الانتقالية حتى نصل الى المدنية التي نريد 


ماذا بعد التنحي ؟ 
منذ صبيحة الخامس والعشرين من يناير ,لا بل ومنذ هروب بن علي والاعلان عبر الانترنت ان الثورة المصرية قادمة ,تحولت او بالاحرى عادت مصر لتكون  قبلة العرب  , فتابعناها اكثر مما تابع اي منا الشأن الداخلي المحلي , وتمسمرنا امام شاشات التلفاز ليلا ونهارا نرقب اللحظة التي سنسمع فيها خبرا يشفي صدور قوم للحرية متعطشين , ومنذ الخامس والعشرين من يناير صار الجميع يسأل عن مكان السفارة المصرية لنحتج ولنتظاهر على ما كان يحصل لإخوتنا في التحرير وفي غيرها من اماكن مصر , ولم يتوقف هذا الاهتمام بعد التنحي  وتابعنا المسيرة التي ستمضي بها الثورة ,لكن ومنذ الايام الاولى التي تسلم فيها الجيش ادارة البلاد ظهرت لنا بعض الامور التي وضعنا عليها علامات استفهام بدأت تكبر مع الوقت .
وكان اول ما اثار حفيظتي _ شخصيا _هو خبر اعتقال المدون المصري مايكل نبيل , وللعلم فإنني اختلف مع هذا المدون في معظم الذي يقوله , لكنني كذلك اعتبر ان حرية التعبير تكفلها جميه الشرائع , وافهم ان حرية التعبير هي ما قامت الثورة من اجل اطلاقه , كنت اظن ان عهد السيطرة البوليسية على الرأي ولى مع رحيل مبارك الا ان اعتقال مايكل نبيل صدمني واجبرني على طرح التساؤل عن كيفية الطريقة التي يدير بها المجلس العسكري البلاد . 
اتفهم جيدا العقلية الانضباطية العسكرية , واعلم القاعدة الاولى في الجيش و التي هي نفذ ثم ناقش , لكن على الجيش كذلك ان يفهم ان الشعب مل الحكم العسكري , على الجيش ان يفهم ان انتقاده او انتقاد ادائه ليس جريمة ولا خيانة ,وان عليه ان يستمع الى كافة الاراء "وخصوصا تلك التي لا يوافق عليها " بما انه ارتضى لنفسه ان يدخل العملية السياسية مختارا او مجبرا .
والمؤلم اكثر في محاكمة مايكل هو ان هذا المواطن تعرض لمحاكمة عسكرية , محاكمة كتلك التي كانت تجري في عهد النظام اذي اسقطه الشعب "او هكذا يفترض " .
المدون يحاكم عسكريا ويصدر الحكم عليه خلال ساعات بينما من قتل الثوار لم يصدر في حقه شيء يذكر الى الان 
المدون ينقل الى السجن بينما من قامت الثورة ضده يظل في شرم الشيخ معززا مكرما , ولم يصدر قرار التحقيق معه  الا بعد جمعة التطهير 
ايها المجلس العسكري الموقر : من اهداف الثورة المعلنة وقف المحاكمات العسكرية للمدنيين فمتى ستتوقف هذه المهزلة ؟؟


الفتنة الطائفية 
من اكثر ما اسعدني خلال ايام الثورة تلك الصورة التي نقلتها كافة وسائل الاعلام لشباب مصري مسيحي يحمي اخوانه الشباب المصري المسلم  خلال اداء صلاة الجمعة في ميدان التحرير 
خلال ايام الثورة كلها لم تتعرض كنسية واحدة للحرق ولا حتى للمساس 
وبعد الثورة كان جليا واضحا ان الفتنة الطائفية هي الوتر الاسهل الذي ستلعب عليه الثورة المضادة وان هذا الملف ان لم يعالج بسرعة فسيجر مصر الى الويلات , وهذا ما حدث 
وللأسف حتى عندما بدأت امارات الفتنة تبدو واضحة جلية لم يتحرك الجيش , بل ان الشهادات تقول ان الشرطة العسكرية والجيش كانا موجودين خلال الساعات الاولى لأحداث امبابة وفي اماكن حرق الكنائس , وان المحرضين معروفون بالوجوه وبالاسماء ومع ذلك لم يتم القبض عليهم 
فإلى متى ولمصلحة من ؟ 


العمال 
ايها المجلس العسكري الموقر : لا يمكن الا لجاحد ان ينكر الدور العظيم الذي قام به عمال مصر خلال الثورة وقبلها لإسقط الحكم الفاسد ,بل انني لا اجانب الصواب ان قلت ان العمال هم من اسقطوا مبارك عن عرشه ,ولذا لا يصح ولا يصلح ان يعاملوا بعد كل ما قدموه للثورة بذات الطريقة التي كان يعاملهم بها مبارك 
الجميع يتحدث عن ايام سود ستقدم على مصر وعلى اقتصادها ,فهل هذا يعني ان يكون عمال مصر هم كبش الفداء ؟ 
الحل بسيط وسهل للغاية وطرحه العشرات من اصحاب الرأي 
قوموا باسترجاع الاموال التي نهبها التخصيص والفساد ,قوموا باسترجاع  المليارات التي هربت خلال وبعد الثورة الى الخارج ,واصدروا قانونا عادلا يضع حدا ادنى وحدا اعلى للأجور وبذا ترضون الغالبية الساحقة من الشعب 
قانون منع التظاهر 
الفعل الرئيس للثورة كان النزول الى الشارع والمطالبة بالحقوق فهل يعقل ان يتم منع هذا الحق بعد نجاح الثورة ؟ 
الشعب يريد اسقاط النظام 
هذا هو الهتاف الاكثر انتشارا في العالم الان ,وهذا ما كانت تردده الملايين عقب كل خطاب لمبارك وهذا الهتاف المختصر يعني ان على النظام "كل النظام "ان يسقط وان كان المقصود المباشر به رأس النظام فإن من دونه اولى بالسقوط 
من اعانوا النظام , من نهبوا ثروات الامة , كبار مسؤولي الداخلية الذين امروا او شاركوا في قتل المتظهرين ,المحافظون , رؤساء الجامعات المتعاونون مع جهاز امن الدولة المنحل , كل اولئك وغيرهم يقصدهم الهتاف وتطالب الثورة بعقابهم 
اخلاء السبيل 
من اكبر علامات الاستفهام على اداء المجلس هي اطلاق سراح المعتقلين من رموز النظام السابق حتى باتت النكتة القائلة انه "تقرر حبس الشعب المصري 15 يوما على ذمة التحقيق بتهمة البيان الكاذب ضد النظام "نكتة لا تضحك بل توجع 
سوزان  وزكريا عزمي ,ومرتضى منصور , وفتحي سرور وغيرهم ,القاسم المشترك بين هؤلاء هو الافراج عنهم بعد اعتقالهم او التحقيق معهم مع ان اسماء هؤلاء فردا فردا كانت على رأس قوائم المطلوبين لمحكمة الثورة 
فإلى من تنحاز ايها المجلس , وهل علينا ان ننتظر في القريب العاجل خبر الافراج عن جمال وعلاء مبارك بكفالة قدرها 200 جنيه 


المجلس والمليونيات 
ما انجح هذه الثورة هي المليونيات التي قام بها الشعب المصري في مختلف المحافظات ,ويبدو ان المجلس العسكري لا طريقة لديه لفهم مطالب الشعب سوى هذه الطريقة , فإن اردتم القبض على مبارك فانزلوا مليونية , وان اردتم محاكمة العادلي انزلوا مليونية ,  وان ارتدم حل جهاز امن الدولة فلتنزلوا في مليونية , وان اردتم تطهير الثورة فلتنزلوا مليونية 


أخيرا 
ايها المجلس العسكري ايام قليلة تفصلك عن يوم 27 مايو , فهل سيكون هذا 25 يناير اخر ,وكيف ستتعامل مع المتظاهرين , هل سينزل الامن المركزي مجددا بقنابل الغاز المسية للدموع مرة اخرى , لا احد يعلم , لكن مجرد طرح فكرة يوم غضب مرة اخرى لابد وان يكون مدعاة لكثير من التفكير من قبلكم , ولكثير من التصحيح ايضا , الثوار يقولونها لكم بكل وضوح :الشعب عرف  الشارع  ولن يتنازل عن حقوقه ولا عن مطالبه المشروعة , والكرة الان في ملعبكم 
مطالب الثورة واضحة وصريحة , واما ان تستجيبوا لها او ,,,, !! ولا اود التفكير في هذا الامر 
الشعب ائتنمكم على ثورته , والشعب يكاد صبره ينفد 
ملاحظة :هذه التدوينة جزء من حملة التدوين عن اداء المجلس العسكري وهي ليست ضد الجيش المصري بحال من الاحوال