Friday, April 22, 2011

الولاء بين اللاب توب والقنوة




باهتمام بالغ وربما مبالغ فيه تابعت الخبر الذي تناقلته وسائل الاعلام العربية و الذي كان نصه : كُشِفَ النقابُ في العاصمة الاردنية عمان عن اول حاسوب محمول عربي " 
ولا داعي عزيزي القارئ لتفرك عينيك , فقد قرات الخبر في اول مرة بشكل صحيح , اول حاسوب محمول في العالم العربي هو اختراع اردني صرف , ولذا يحق لك ان ترفع رأسك عاليا بهذا الانجاز الذي مهما حاول البعض النيل منه سيظل في قلبي ووجداني عظيما رائعا ومدعاة للفخر و الكبرياء . 


 ويا الله كم افرحني هذا الخبر وكم اسعدني سماع خبر ايجابي في ظل هذه السلبية التي تطوف في الانحاء , سلبية القمع , والفساد , والاقتتال الغبي على اتفه الامور , اسعدني جدا انه وبينما نتناحر , ونتشاجر و ونفتح رؤوس بعضنا البعض بالحجارة وبالعصي هنالك من يعكفون جنودا مجهولين يحنون رؤوسهم على الكتب ليل نهار ليرفعوا رأس البلد عاليا , اسعدني جدا ان هنالك من فهم الولاء للملك وللوطن بطريقة صحيحة , بالطريقة التي يريدها الملك ويريدها الوطن , اسعدني حتى الثمالة ان هنالك ممن يعيشون بين ظهرانينا من يهتم لأمر الاردن ولرفعته وتطوره "فعلا " لا قولا فقط .


ولكن ولانني انسان كئيب للغاية , ولأن الفرح ليس مهنتي المفضلة , فقد سائني التفكير في هذا الخبر حتى كدت اتمنى لو انني لم اسمعه منذ البداية !!
لماذا ؟ 
ساخبركم بالسبب :
منذ ان اطلقت صرختي الاولى في هذا العالم وكتب المدرسة والاعلام والناس في الشوارع كلهم يصرون  "على الرغم من بعض المعارضات التي اسمعها بين الحين والاخر "  كلهم يصرون على ان الاردن ومن بين كل جيرانه بلد فقير الموارد جدا , لا يعوم على بحر من نفط , ولا ابار غاز في جنباته , ولا ماء لنستغله او حتى لنشربه ,  والصخر الزيتي يُصِر "الخبراء " على اننا لا نستطيع الاستفادة منه على الاقل على المدى المنظور . اي ان ما فهمته من  الثلاثة والعشرين عاما التي عشتها الى الان ان بلدي بلد فقير و "ماكل هوا"  لكن هل يعني هذا الكلام ان نكتفي بالنواح وبوضع اليد على الخد ؟؟ هل يعني هذا ان دورنا الوحيد في الكون هو مشاهدة قطار البشرية وهو يسير بعيدا عنا ؟؟؟
بلدنا فقير ؟؟؟ حسنا حتى البلدان الفقيرة تتطور , حتى البلدان الفقيرة تعمل بجد واجتهاد لتنال مكانا ما في هذا العالم , وهنالك بلد فقير "للغاية " ولديه من الموارد كما لدينا لكنه مع ذلك صار وتحقق ونهض من الكبوة , انها اليابان .
  واليابان كما يعلم الجميع خرجت منذ ستين عاما من حرب عالمية مفجعة الاثار مرعبة الاحداث , اليابان ايها السادة  دمرت مدنها وقراها وباتت اثرا بعد عين , اليابان عانت وربما لا زالت تعاني من اثر القنبلتين النوويتين  اللتين القيتا عليها  فقتلتا ما يقارب الربع مليون انسان 
وخلال ستين عاما فقط , لا بل اقل , استطاعت اليابان العودة الى قطار البشرية بل وقيادة هذا القطار ببيراعة نحو الالفية الثالثة .
اعلم ان كثيرين منكم سيتهمونني بالجنون او بالغباء لانني اقارن بين الاردن واليابان , وان عبارات من قبيل " ما هذا التخريف ؟؟؟ " قد اطلقت بالفعل , لكنني اجرؤ على القول وما المانع ؟؟
ماذا ينقصنا لنكون دولة عالم اول عوضا عن ان نكون دولة عالم ثالث ؟ 
ما المانع لو كان  خبر اختراع اول حاسوب محمول عربي لا يحظى بكثير اهتمام ؟؟ ليس لأنه خبر تافه بل لأنه خبر عادي جدا  ومألوف للغاية , ما المانع لو رأينا جائزة نوبل للكيمياء او الفيزياء او الاداب تمنح لاردني ؟؟
مجددا وابدا : ما المانع ؟
ربما هنالك عقبة واحدة او اثنتان مرتبطتان جدا ببعضهما البعض 
الاولى مناهج التعليم  والتي لابد لنا كأردنيين ساعين نحو الاصلاح ان يكون اعداد مناهج تعليمية تليق بالزمن الذي تعيش فيه وبالمكان الذي نطمح بالوصول اليه , مناهج تعليمية تحث على تطوير البحث العلمي , وتدفع الطالب دفعا نحو الابداع. 
اما العقبة الثانية فهي الفساد 
نعم الفساد الذي ما دخل في شيء الا شانه وقلبه راسا على عقب , الفساد ايها السادة هو ما اخر علينا خبر اختراع هذا الحاسوب , الفساد هو الشماعة التي ساعلق عليها حظي العاثر وذنوبي واخطائي واخطاء شعبي منذ كنت طفلا والى ان تصير عظامي غذاء لدواب الارض , الفساد هو ما يجعل المعلم يدخل الى الحصة غير عارف بالمادة التي يدرسها, غير ابهٍ بمستقبل العقول التي وضعت امانة بين يديه , والفساد هو ما يسمح للمدير بأن "يزوغ " من المدرسة بعد الحصة الثالثة , وهو ما يمكن مدير التربية من العمل في بيته , والفساد هو من يحمي الوزير الخاطئ المخطئ  من العقاب على الجرائم التي ترتكب في وزارته بحق جيل الغد , الفساد هو من يمنح البعثات الخارجية لمن لا يستحقون , الفساد هو من جعل التعليم للاغنياء فقط , الفساد  والفساد والفساد هو من سمح للجامعات بان تصير متنفسا للكبت العاطفي  والجنسي بدلا من ان تكون منصة الإنطلاق نحو السماء , الفساد هو من حول الجامعات الى ساحات قتال لا قاعات نقاش وحوار . 
الخلاصة : بإمكاننا ان نصير دولة يعتمد عليها العالم كله , دولة تصدر العلم والمعرفة الى ارجاء المعمورة كلها , لكن علينا في سبيل هذا , في سبيل تقدم الاردن ورفعته ان نحسم معركتنا مع الفساد لصالح الاردن , معركتنا مع الفساد ايها الاردنيون هي معركة حياة  او موت , يكون فلا نكون , يتعاظم فنتضائل , يتقدم فنتقهقر , يفرح فتنحسر , والعكس بالعكس 
تقدمنا , تطورنا , مجدنا , بل وحتى وجودنا مرهون بقدرتنا على استئصال هذه الافة من مجتمعنا او على الاقل الحد من تغلغلها في مجتمعنا , وبهذا  نكون فعلا وقولا "كلنا الاردن " , ونصل الى ان يكون "الاردن اولا " .