Saturday, February 11, 2012

رسالة الى الحراك الشبابي


اعزائي واصدقائي في الحراك الشبابي الاردني : تحية طيبة وبعد :
سأبدء كلامي اليوم بتذكيركم بالحكمة الفرنسية التي لا تفارق لساني وهي : ليس من المهم ان تكون محقا ! المهم ان تكون حكيما 

وارجو منكم خلال قرائتكم للأسطر القادمة ان تنتبهوا الى هذه المقولة وان تضعوها حلقة في اذانكم _ ان جاز التعبير _ 
مر عام كامل , بل اكثر على بدء الحراك , عام كامل من التظاهر في الشارع , عام كامل من النضال المتواصل ومن التضحيات 
حققتم بها ما حققتم من انجازات , ولأنكم بشر فقد وقعتم ايضا في عثرات 
وحتى لا اتهم بالمزاودة على احد , فاود ان اخبركم انني انتمي _ولا فخر _ الى حزب الجاعد انتماءا عضويا يبدو انه لا رجعة عنه , ومع ذلك اتمنى ان تتقبلوا نصح اخ يعلم الله مقدار حرصهم عليكم جميعا, وعلى هذا الوطن  , وبناء على هذا الكلام ارجو ان تسمحوا لي بان اقول ما يعتمل في صدري منذ مدة , وهو كلام ارجو ان تتسع صدوركم لسماعه 

الانسان بطبيعته خطّاء , لكن الانسان الذكي , العاقل هو الذي يتعلم من اخطائه , فالمؤمن ايها السادة كيّس فًطِنٌ ولا يلدغ من جحر واحد مرتين . 

و لأن الانسان كائن قابل للتعلم فلابد لكم ولنا جميعا من ان نستفيد مما تحقق خلال العام الماضي وان نعززه , وان نتعلم في الوقت ذاته من الاخطاء التي ارتكبت اما بدافع قلة الخبرة او بدافع الاستعجال , ونصححها , ونعتذر لمن اخطأنا في حقهم , وهنا الاهم , اعني التعلم من الاخطاء والقدرة على تحويلها الى نقاط قوة لا نقاط ضعف 

اصدقائي واخوتي : خلال عام من الهتاف والتظاهر هل زاد عدد الناس المؤمنين بأهمية الشارع وجدواه , ام ان الناس ملت وتململت ؟؟ 
خلال عام من التظاهر عالي السقف جدا هل احسستم ان الناس توافق على هذا التصعيد ان جازت التسمية _ ام ان هذا النوع من الهتاف قد ادى الى تحولكم الى جسم غريب على رجل الشارع ؟؟ 
خلال عام من المسيرات التي ما انفكت تخرج من الحسيني هل لاحظتم تزايد عدد الخارجين معكم في الطرقات ؟؟ 
اقتربنا من اكمال عام كامل من ذكرى الرابع والعشرين من اذار فهل صارحتم جمهوركم بما حدث ؟ وهل اخبرتم جمهوركم في الاسباب التي ادت الى فشل الاعتصام ؟ 
وان كانت الدعوة الى الاعتصام قد فشلت _او اجهضت _ مرتين , فما الفائدة من العودة 
الى الاعتصام المفتوح مرة اخرى ؟؟ ام ان الموضوع مجرد عناد ؟ 
تعريف اينشتاين للغباء " هو فعل نفس الشئ مرتين بنفس الاسلوب ونفس الخطوات  .  . . . معانتظار نتائج مختلفة "

اصدقائي , يصادف اليوم ذكرى سقوط الطاغية محمد حسني مبارك , وخلال العام الماضي قام  الثوار في مصر بمحاولات جاهدة من اجل اسقاط حكم العسكر الذي هو امتداد لحكم مبارك , لكن لاحظوا انهم خلال هذا العام ابتكروا وسائل جديدة , وسائل اقل ما يقال عنها انها عبقرية  , والسبب في هذا _من وجهة نظري _ هو انهم قد عرفوا بالتجربة ان ميدان التحرير وان كان رمزا ثوريا الا انه وحده غير قادر على اسقاط  العسكر  فلجؤوا الى حملة عسكر كاذبون , والى "لا للمحاكمات العسكرية " والى التظاهر في الازقة والحارات الضيقة , والى الهتاف في مباريات كرة القدم , والى الهتاف داخل مترو الانفاق , والى الخروج عن سيطرة الاعلام التقليدي الخانع للنظام _اي نظام _ فجاء باسم يوسف وعلاء الاسواني ومحمود سعد وريم ماجد و دعاء سلطان 
ووزعوا المنشورات في كل حي من احياء مصر , ورسم الغرافيتي على كل جدار يمر المواطنون بجواره 
اعلم ان الوضع في مصر مختلف , واعلم ان المطالب هناك تختلف عن المطالب هنا , لكن لابد لنا من الانتباه الى موضوع التنويع في اساليب النضال , والى القدرة الفذة على 
التواصل مع الشارع , والى اجادة اختيار القضايا , والى الابتكار والاختراع

اصدقائي : هل لاحظتم ان مجتمع الانترنت في معظمه يخرج في مظاهرات امام السفارة السورية او في ذكرى الثورة المصرية , لكن كثيرا من هؤلاء لا ترى لهم وجودا في مسيرات الجمعة , فهل جربتم ان تقوموا بالتواصل معهم لتعرفوا سبب عزوفهم الغريب هذا ؟ هل سألتموهم عن سبب انضمامهم لحزب الجاعد ؟ هل سألتم ذلك الفقير المكتوي بنار الفقر والجوع لماذا لا تنزل لمظاهرة تطالب بحقوقك , مظاهرة تهتف فيها ضد الفقر والجوع والذل ؟؟؟ 

اصدقائي : لابد لكل انسان ان يمارس شيئا من محاسبة النفس خلال مسيرته في الحياة , هذه المحاسبة هي التي ستضمن للإنسان الا يكرر اخطاء الماضي , وهي التي ستضمن له كذلك ان ينتبه الى انجازاته فيبني عليها , اما الاكتفاء برمي الاخرين بالاتهامات , او قذفهم  بالجبن او التخاذل فهذا لن يفيدكم في شيء ولا يساهم ابدا في الوصول بنا الى حيث  
نريد . 
كما سبق وذكرت , هي ليست محاولة للمزاودة على احد , ولا ادعي انني املك حلا سحريا يجعلنا نرى الاصلاح مطبقا غدا , لكنها محاولة لتخفيف سرعة انطلاقنا حتى نرى ما نخسره خلال مسيرنا , وهي دعوة للتوقف للحظات وللتفكير في الامس واليوم الذين من خلال فهمنا لما جرى فيهما سنتمكن من الوصول الى الغد الذي نريد .