Thursday, October 27, 2011

عن الادب والمقاومة

بينما كنا نناقش كتاب "ولدت هناك ولدت هنا" للكاتب الفلسطيني مريد البرغوثي _في حضرته _طرح مدير النقاش السؤال التالي كمفتاح للنقاش:هل بالامكان اعتبار  الكتابة شكلا من اشكال المقاومة ام انها وسيلة للتفريغ والتوثيق فقط ؟ 
بداية لابد لنا ان نحاول قدر الامكان ان نفسر ما هي المقاومة ؟ وباتضاح مفهومها يفترض بنا ان نكون قد جاوبنا على السؤال الأول 
للمقاومة تعاريف كثيرة من اجملها ما ذكره مريد البرغوثي خلال نقاشنا معه حول مفهوم المقاومة , اما بالنسبة لي فافسر المقاومة بالحياة , وهذا التفسير نابع من فهمي الشخصي لطبيعة صراعنا كعرب وكفلسطينيين مع العدو الصهيوني 
فعدونا ايها السادة الكرام يهدف في مجمل تصرفاته العدوانية اليومية الى قتل كل رغبة في الحياة تساورنا , يهدف عدونا الى جعلنا نكره هذه الحياة التي نعيش ليدفعنا بشكل او باخر الى الانتحار , فنريحه من وجودنا الذي يشكل له معضلة لم يستطع الى الان حلها , على الرغم من مرور اكثر من قرن على بدء الصراع
وبناء على هذا الفهم الفلسطيني لطبيعة الصراع يقوم الفلسطيني بمقاومة سجانه , وعلى الرغم من المنا اليومي , وعلى الرغم من وجعنا الذي يبدو انه ابدي , اتفق الفلسطينييون وكان الامر في جينات فلسطينيتهم على ان يطبقوا قول القائل
 " نخبئ احزاننا في الجرار لئلا يراها  الجنود فيفرحوا بالحصار "
هذه هي المقاومة التي اعرف , عدونا يعمل ليل نهار على قتل رغبة الحياة فينا ونحن نعمل ليل نهار على التمسك بخيط وهمي من امل , بحب وحشي للحياة 
ولانه لا عادي في حياة الفلسطيني كانت مقاومته ايضا غير عادية ,واصرارك على ان تكون طبيعيا في هذا الزمن غير الطبيعي مقاومة ,   و الفتى العاشق  لابنة عمه دون ان يخبرها مقاوم , الام التي تستيقظ ليلا لتطمئن على ان ابنائها قد تغطوا جيدا مقاومة , الاسير الذي يرفض الابتسام لنكتة القاها المحقق مقاوم , الطالب الذي يقرر الدراسة على ضوء الشموع لان الاحتلال قد قطع الكهرباء عن الحي مقاوم ,والجد الذي يجمع ابناء المخيم حوله ليحدثهم عن البلاد مقاوم , والسائق الذي يفعل ما بوسعه ليوصل الركاب الى الجسر مقاوم  ولذا فالكاتب الذي يصر على ان يكتب وسط الحصار والنار مقاوم , والشاعر المنفي  الذي يكتب عن وطن الاحلام الذي لم يره منذ ثلاثين عاما مقاوم ,والشاب الذي يقول شعرا رديئا عن وطن كانت شاشة الجزيرة هي اقرب ما شاهده منه مقاوم 
                                             2 
وبعيدا عن هذا المعنى الذي قد يعتقده البعض رومانسيا  للمقاومة دعونا نر ماذا فعل الشعراء والادباء للعدو وكيف نظر العدو اليهم 
هل ابدأ بالحديث عن اديبنا الشهيد ماجد ابو شرار والذي اغتيل في روما بسرير مفخخ , ام عن شهيدنا غسان كنفاني والذي ارتقى الى العلى بسيارة مفخخة 
ام عن وائل زعيتر شهيد الف ليلة وليلة 
ام عن الشهيد الباريسي عز الدين قلق 
هكذا نظر عدونا الى الشعر
او ربما اذكر بتوفيق زياد والذي ظلت كلماته تقض مضاجع شارون وبقية العصابة حتى بعد وفاته 

دعونا نرجع بالزمن الى الخلف اكثر , الى الايام التي كان فيها درويشنا شابا يافعا , الم تفرض عليه الاقامة الجبرية بسبب شعره , وشعره فقط 
الم يحبس بسبب هذا الشعر ؟ 
الم تسبب قصيدة عابرون في كلام عابر وجعا شخصيا لشارون , ولذلك نرى احمد الطيبي كل فترة وفترة يذكرهم بانهم عابرون في كلام عابرمن على منصة الكنيست 
ان لم يكن الادب مقاومة فما هي المقاومة اذا؟ 
ان لم يكن الشعر مقاومة فما هي المقاومة اذا 
وكما قال شهيدنا : عظمة هذه الثورة انها ليست بندقية, فلو كانت بندقية فقط لكانت قاطعة طريق , ولكنها لفظ شاعر وقلم كاتب وريشة فنان ومبضع جراح وابرة لفتاة تخيط  قميص فدائييها وزوجها " 

No comments:

Post a Comment