Monday, August 27, 2012

نصوص غاضبة

الغضب يا سادة هو عود الثقاب الذي يوقد الثورة , الغضب يا أعزائي هو ما يدفع البشر الى أن يقولوا لا , هو ما يبقيك حيا , هو ما يحافظ على حياتك , وهو ما يجعلك انساناً 
وان كان الغضب حقا لكل شعوب الأرض المقهورة المكبوتة فإنه في حالة الانسان العربي يصبح واجبا لا يسقط الا بسقوط مسبباته 
وللعربي ان يغضب لوطنه الذي قسمه الاستعمار, للعربي أن يغضب لثرواته التي نهبها حكامه ومحتلوه , للعربي ان يغضب لتاريخه السيء أو الذي اسيء اليه ,للعربي أن يغضب لمستقبله الذي لا يعرف ملامحه ,  للعربي أن يغضب وهو يرى حكاما ابناء حكام احفاد حكام يتوارثون وطنه وكأنه مزرعة لا وطن , للعربي أن يغضب وهو يرى اخوته في الوطن يتشاجرون , يتقاتلون , يذبحون بعضهم البعض نتيجة لخلاف حصل قبل الف وثلاثمئة عام بينما الاستعمار الداخلي والخارجي يضحك , للعربي ان يغضب بل وعليه ان يغضب وهو يرى العالم يصعد الى الفضاء بينما يتشاجر مثقفونا حول قصيدة النثر والخطر الكامن في منح بعض ابناء الوطن شرف الانتساب الى وطن الحاكم الهمام 
على العربي أن يغضب وهو يرى غيره يتمتع ويتنعم بخيرات بلاده 
على العربي أن يغضب وهو يرى ثوراته تسرق ممن يفترض بهم ان يحموها ! 
للعربي أن يغضب وعليه ان يفعل 
وان كنت عزيزي العربي لم تكتف بصور المجازر التي تحدث في سوريا لتجعل منك انسانا حاقدا على الوجود فلا أظن الكتب التي أقترحها عليك ها هنا ستفعل , الا أنني مع ذلك سأفعل 
أولا : سأخون وطني  ل محمد الماغوط 
الكتاب عبارة عن مجموعة من المقالات المليئة بالسخرية اللاذعة والنقد الموجع للواقع العربي , والماغوط لمن لا يعرفه هو شاعر سوري قومي مات قبل سنوات لكنه ولسوء حظه وربما حسن حظنا عاصر الهزائم العربية كبيرها وصغيرها , وتعرف على السجون العربية كما يليق بشاعر عربي ان يفعل 
الماغوط في هذا الكتاب يعرينا جميعا , حكاما و محكومين , و يحمل سوطا يدعى الحق يجلد به ظهورنا نحن الذين قررنا العيش في الوهم , ويوضح بشكل لا يقبل المراء الفارق الشاسع بين وطن الحكام ووطن الاحلام , وطنهم المزيف و وطننا الذي به نحلم 
ثانيا : مديح الظل العالي  ل محمود درويش 
مديح الظل العالي هي عبارة عن قصيدة طويلة للغاية للراحل الكبير محمود درويش كتبها خلال فترة حصار بيروت العام 1982 , حيث كانت الثورة الفلسطينية والقوات اللبنانية الوطنية تدافع عن ما تبقى من شرف العروبة , تدافع عن القدس ويافا وعمان ومكة  , من بيروت التي صمدت في وجه المحتل الصهيوني وعملائه ما لم تصمده مدينة عربية أخرى 
في هذه القصيدة يظهر لنا درويش كما لم يظهر لنا من قبل , ولأن الأحداث العظيمة تجبرنا على الابداع فإن قريحة درويش قد اجترحت أفضل ما يمكن لشاعر ان يكتبه , فكتب رحمه الله قصيدة أعتبرها شخصيا أفضل قصيدة قراتها في حياتي 
وان كان لي أن انوه الى شيء بخصوص القصيدة فهو انها ممتلئة بالرموز وبالتاريخ , الأمر الذي قد يجعل منها عصية على الفهم بالنسبة لمن لا يقرؤون درويش باستمرار , وكحل لهذه المشكلة فإنني أقترح على القارئ العزيز إضافة كتاب ذاكرة للنسيان لدرويش ايضا , ليساعده على فهم ما كان يحدث في ذلك الجحيم الجنة . 
ثالثا : قصيدتا عبد الله الإرهابي والقدس عروس عروبتكم لمظفر النواب 
 كنا ذات طفولة نتناقل فيما بيننا نحن معشر الأطفال على مقاعد الدراسة  قصيدة مظفر النواب "القدس عروس عروبتكم " وكنا نردد ونحن نتلفت حولنا المقطع الذي يقول فيه : أولاد القحبة هل تسكت مغتصبة !؟ " ويراودنا شعورخفي لطيف بالفخر وبالنضج ونحن نشتم الحكام العرب قاطبة في وقت كان فيه شتم الحكام يعد أمرا غاية في الخطورة ويودي بمرتكبه الى دار خالته غير مأسوف عليه 
أما القصيدة الثانية فهي قصيدة عبد الله الإرهابي , وهذه القصيدة من أجمل ما قال مظفر , ومن أكثر ما قيل غضبا ابد الدهر ,خاصة عندما تستمعون اليها بصوته المميز 
رابعا : الخبز الحافي ل محمد شكري 
وهي عبارة عن سيرة ذاتية للكاتب المغربي محمد شكري , وهي من أقرب الكتب الى قلبي وهو الأمر الذي يثير استهجان الكثيرين اذ ان الكتاب مليء بالشتائم والبذاءة المفرطة , وعلى الرغم من هذا فإن الكاتب الصادق في قوله قد قص علينا كل ما حدث له على امتداد السنوات العشرين الأول من عمره , ويروي رحمه الله اذ يروي قصته مع والده , وعلاقته بالحشيش والخمر والسرقة والنساء والجنس والسياح 
والكتاب يحوب كمية جوع تجبرك على ان تذهب لتطمئن على ثلاجة بيتك خوفا من ان يحدث لك ما حدث له , كمية الجوع هذه التي كان _ولا زال _ المجتمع المغربي يعاني منها ان لم تدفع الانسانية الكامنة فيك الى أن تغضب , فلا أظن ان شيئا ما سيفعل ! 

هذا ما يخطر ببالي بخصوص هذا الموضوع في هذه اللحظات ولكن ان اردتم الاستزادة من الغضب فكل ما عليكم فعله هو قراءة ما كتبه اي مؤرخ "ابن حلال " عما حدث في النكسة , او عن الكيفية التي خسرنا فيها البلاد ,   او عن الطريقة التي مَنَحَنَا عبرها سايكس وبيكو هوياتنا الوطنية