Sunday, June 5, 2011

نصف ساعة في شوارع وسط البلد " عمان


كنت قبل قليل في وسط البلد وعلى الرغم من انني كنت اود لو انني اتمكن من اللحاق بشيء من مباراة الرائع فيدرير والمذهل نادال الا انني قررت ان اتمشى قليلا في شوارع وسط البلد , فقد اشتقت لها حقيقة 


اشتقت لها على الرغم من انني امر بوسط البلد كل نهار تقريبا , الا انني ومنذ زمن لم انظر الى تلك الشوارع كما اعتدت ان افعل سابقا , منذ مدة لم انظر اليها كما ينظر عائق الى مجبوبة غابت عنه طويلا . 
نزلت من السرفيس في شارع بسمان ومضيت باتجاه الجامع الحسيني لامر بعدها بسوق السمك الامر الذي اجبرني على اغلاق انفي من هول الرائحة الموجودة في المنطقة حتى ضقت بها ذرعا , فأسرعت الخطى نحو المجمع الجديد القديم الذي علي ان اسال حكومتنا الرشيدة امد الله في عمرها : الى متى يظل هذا المجمع خاليا ؟ و ما الحل يا حكومتنا في هذه الاموال التي تهدر على مشاريع يبدو انه لا منتفع منها سوى مقاولوها ؟
 ما علينا " ودعوني مع محبوبتي اصف لكم مشاهداتي فيها 
فتاة عراقية صغيرة السن _على الرغم من انني كنت اعلم ان العجائز العراقيات اللواتي فعل بهن الزمن فعلته هن فقط من يمتهن هذه المهنة_ ,  تفترش الشابة الجميلة  الارض وتيبع كل ما امكنها بيعه , دخان مهرب او تالف , ولاعات بأشكال جميلة , و تبيع اغراضا اخرى لم ابال بالانتباه لها يوما
شابان اسمران بتأبطان ذراعي بعضهما البعض , فيما العديد من المارة ينظرون اليهما بارتياب 
اتخلص من رائحة السمك المؤلمة عبر السير الى جانب واحد من محلات العطور المنتشرة بكثرة في وسط البلد , والرائحة التي اشمها تشعرنني انني في الجنة 
وفي المقابل انظر الى المدرج الروماني ويغص في نفسي منظر بوابته المغلقة ,والاصلاحات التي لا يبدو انها ستنتهي في القريب العاجل 
انتبه خلال سيري الى المزيج الرائع من اللهجات التي اعرف بعضها , سودانية ,خليجية , فلاحية , بدوية , ومدنية  بالاضافة الى اللهجة المصرية التي استطيع تمييزها عن بعد سنة ضوئية 
استرق النظر خلال سيري الى لقطات تلفزيونية تنقل مباراة الغريمين التقليديين نادال وفيديرير واسر لرؤية الاسباني فائزا 
لكن الإبتسامة تصر على ان تكون لحظية لدى رؤيتي لشاب عشريني بثياب افضل ما يقال عنها انها رثة لم يجد مرتديها الوقت او المعدات اللازمة لرقع ثقوبها العديدة , شاب عشريني لو ان الاقدار غيرت من خطتها لربما كان قادرا على ان يكون طبيبا محترما , شاب عشريني مثلي يبحث في القمامة , وكل ما كنت امله لحظتها ان اشاهد هذا الشاب يستخرج علب "البيبسي" من الحاوية ليقوم ببيعها فيما بعد اما ما كنت اخشاه حقا فهو ان اراه يخرج من الحاوية بقايا طعام يسكت له امعائه 
والحقيقة انني استعجل المسير لأنني لست قادرا على ترقب اي المشهدين سأرى , وفي اللحظة التي كان هذا الشاب يبحث في الحاوية كان في ذات الشارع شاب عشريني اخر , لكن الفارق بينهما ان هذا الاخير كان يقود سيارة بعشرات الالاف 
وربما اكون رأيته يشيح النظر عن صاحبنا ذي الثياب غير المرقعة 
ومما مررت به اليوم كان مطعم انوار مكة , ورباه كم من الذكريات  وكم من الوجبات التي تناولتها في ذاك المطعم ذات طفولة مرت سريعا ولم انتبه للحظاتها ,مررت بمطعم انوار مكة ورأيت نفسي جالسا هناك في احدى زواياه مع اصدقاء طفولة قدييييييييمة ,  الامر الذي اعادني اياما لا بل سنينا الى الوراء , الى الايام التي كنت فيها بريئا " مش قوي يعني " . الى ايام الحب الاول , الى لحظات كانت الضحكة لا تفارق محياي فيها .
اصحاب المحلات يستغلون فترة ما قبل الغروب للجلوس امام ابواب محلاتهم ومحاولات عابثة لاقتناص زبون مسائي "يزبطون " به وضع الغلة . 
فتاة جميلة تسير في الشارع فتنظر اليها بقية النساء وكأنها اقترفت جريمة اذ اختارت ان تخرج الى الشارع وهي جميلة , بينما عشرات العيون الذكورية  تقلب النظر فيها واليها من الاعلى و الى الاسفل مرارا وتكرارا بينما تجرؤ بعض الالسن على اطلاق مغازلات من قبيل " يا ارض احفظي ما عليكي "  والعبارة الاشهر " اموت طخ بفرد مي  ملون " فيما لا يسعني انا الا ان اطلق تنهيدة واه . 
وبالطبع لن يكتمل المسير دون ان يمر بي طفل لم يتجاوز العاشرة ويتشعبطني مرارا متفوها بعبارات حفظوه اياها بالعصا و الفلقة " مشان الله "" الله يخليك لشبابك "" والله يتيم "" ابوس ايدك " ولو كنت مع فتاة " لا قدر الله " لكانت العبارة الاسهل " الله يخليلك الحلوة تعطيني شلن " "الله يخليكو لبعض " وبالطبع عندها لن تجرؤ على رده والا كنت مغامرا مقامرا ولن تسلم ان تجرات وامتنعت عن اعطائه ما يريد من معركة حامية الوطيس وعبارات من قبيل " لو بتحبني كان اعطيته ".