عزيزي الاردني تمهل , اوقف ارائك كلها , ضع مواقفك المسبقة على الرف , واستمع الي ,اعلم انني لستُ نانسي عجرم ولا حتى عمر العبداللات حتى تسمعني , لكنني شقيقك في الوطن والمصير , قد تكون انت ايها القارئ قد وقفت في الباص لتُمَكِن ابي من الجلوس , وقد اكون انا وانت رقصنا وطربنا حتى الهزيع الاخير من الليل على تأهل منتخبنا الوطني الى كأس اسيا كل هذا جائز , ولذا بحق الاخوة التي تجمعنا من غير ان تجمعنا الارحام , بحق الزيت زالزعتر , بحق خطبة الجمعة التي قد نكون سمعناها سوية , بحق السلام الملكي الذي انشدناه اطفالا سويا , بحق الزي المدرسي الذي رفضنا ارتدائه ونحن في الثانوية , بحق ذكريات لا نذكرها , ادعوك الى التوقف للحظة , وان تدع كل ما تعرفه عما حدث يومي الخميس والجمعة في صندوق وتقفله الى ان انتهي من كلامي , ولك بعدها ان تقرر ما تريد
لن اسألك هل انت مع او ضد شباب الرابع والعشرين من اذار فهذا وعلى ضوء ما حدث ليس مهما على الاطلاق , لأن اربعة وعشرين اذر مجرد شباب اردنيين " ولو راى البعض انهم غير اردنيين " شباب فهموا ان بإمكانهم خدمة بلدهم ووطنهم من خلال الاعتصام على دوار الداحلية ,هل كانوا مخطئين ام مصيبين ؟ ليس هذا مهما ابدا , بل ان رفاقي واخوتي في 24 اذار انفسهم ليسوا بذوي اهمية ابدا مقارنة بما سأحدثك عنه بعد قليل
لكن قبل اي شيء ادعوك للتفكير المعمق بهذه الاسئلة التي ساطرحها عليك : هل انت مع اردن ديمقرطي ام مع اردن كاتم للصوت ؟ هل انت مع حرية التعبير ام مع حرية القمع ؟ هل انت مع اردن لكل مواطنيه ام مع اردن للأغنياء فقط , او لابناء الذوات فقط ؟ هل انت مع ان " تكفل الدولة حرية الرأي ولكل اردني ان يعرب بحرية عن رأيه بالقول والكتابة والتصوير وسائر وسائل التعبير بشرط ان لا يتجاوز حدود القانون " ام انك مع شطب هذه المادة من الدستور الاردني هل انت مع ان " الاردنيين امام القانون سواء لا تمييز بينهم في الحقوق والواجبات " ام انك ترغب بشطب هذه المادة من دستورنا و تحويل الاردن الى بلد فاشي مضطهد للأقليات ؟؟
ان كانت اجابتك كلها في الشق الثاني من كل سؤال فاعتذر لك عن الازعاج الذي سببته لك واخبرك انه لا داعي لتكمل المقال , وانصحك نصيحة الاخ المشفق ان تراجع اردنيتك حالا وفورا , لانك تنتمي الى " اردن " لا ينتمي اليه معظم الاردنيين
اما ان كانت اجابتك مع الشق الاول من الاسئلة فهنيئا لك هذا
لأنك مع حرية التعبير التي كفلها الدستور , و لأنك مع اردن ديمقراطي يتساوى فيه الاردنييون كافة امام سلطة القانون الذي ارتضيناه فمبارك عليك وعلى الاردن .
و هذا الايمان بلاردن الذي به اؤمن يحملنا مسؤوليات , علينا جميعا كافراد وكمجتمع ان ننهض بها والا صار كلامنا عن الاردن الديمقراطي مجرد كلام هو اقرب للكذب , وكما للأردني حقوق فعليه واجبات , وواجبات عظيمة ايضا و ومن اهم هذه الواجبات كما ارى حماية الاردن , وحماية الاردن لا تكون من اعداء الخارج فقط بل وحمابته من اعداء الداخل ايضا وربما تكون هذه المهمة اصعب واخطر , واهم ايضا
لأن عدو الحارج يدمر الجسد اما عدو الداخل فيقتل الروح ويزرع بذزر الشر في المجتمع
علينا كأردنيين ان نحمي المبادئ التي تجعلنا وطنا لكل افراده , ولذا علينا ان نحمي حق الأفراد , كل الافراد , بالتعبير السلمي عن انفسهم وذواتهم وعما يعتلج في صدورهم " حتى " وهذه هي النقطة الاهم " حتى لو كنا نحتلف معهم
فمثلا شباب الرباع والعشرين من اذار احترمهم واجلهم لكنني كذلك انتقدهم " انتقاد المحب المشفق لا العدو الحاقد " انتقد استعجالهم بالنزول الى الشارع , انتقد اخيتارهم لمكان الاعتصام , انتقد سماحهم لاهدافهم ان تُفهَمَ بشكل خاطىء, لكنني ايضا كأردني غيور على بلدي مستعد للموت في سبيل تمكين هؤلاء الشباب من التعبير عن ارائهم بحرية , وهذا هو جوهر الموضوع
اختلف مع من شئت من ابناء الوطن فالاحتلاف رحمة , والاختلاف لا الخلاف كثيرا ما يوصل الى الحلول الوسط التي غالبا ما تكون الافضل والامثل , واحتلف كما شئت مع شباب 24 اذار لكن عليك كأردني ان تساند حقهم في التعبير السلمي عن افكارهم , لزام عليك كأردني ان تحميهم من السلوك الدخيل على مجتمعنا الا وهو البلطجة
ان كانوا مجرمين قالقانون هو من يحاسبهم لا حجارة "المعتدين " ولا هراروات " الدرك
ان كانوا متهمين فالمحاكم هي مكان الاتهام لا الفضائيات ولا الشتائم المنتهكة للاعراض
وإن كانوا مفسدين " عن علم او عن جهل " فالمحاكم هي الخيار لا المشانق الشعبية
اما عبارات التهليل للمعتدين والتمجيد للجريمة فهذا هو الجنون بعينه , وتلك هي الجريمة التي تكاد تدمر النسيج الوطني , و تقود البلد كل البلد الى ما لا تحمد عقباه بل انها تفوق الجريمة الاولى اذىً وخطورة .
اعتذر عن الاطالة واختم بسؤال وحكمة
علينا جميعا وبعد ان نستيقظ من هول الفاجعة " للبعض , ومن غمرة السعادة " للبعض الاخر " ان نسائل انفسنا : ما هو الاردن الذي نريده لأبنائنا ؟ ما هو الاردن الذي نتمناه ؟
اما الحكمة فهي للشاعر الفرنسي فولتير
قد أختلف معك في الرأي، ولكني على استعداد أن أموت دفاعاً عن رأيك"."
I do not agree with what you have to say, but I'll defend to the death your right to say it.