كبداية لا لي ان استعير التحذير الذي يستخدمه الصديق محمد عمر في بعض تدويناته , الا وهو ان هذه التدوينة قد تطول , وكثيرا
في الحقيقة انني كنت قبل دقائق فقط استلقي على فرشتي الباردة احاول النوم , علني استريح من اللاشيء الذي فعلته منذ الصباح , فمنذ استيقظت في العاشرة من صباح هذا اليوم لم افعل شيئا مهما لدنياي او لاخراي , قرأت قليلا في كتاب "اه يا بيروت" لرشاد ابو شاور , وقد سبب لي وجعا في القلب والذاكرة , شاهدت فيلما مصريا سبب لي غباء ارجو الله ان اتخلص منه سريعا , ونعقت قليلا على تويتر وعلى الفايس بوك , وبخلاف هذا لم افعل شيئا على الاطلاق , سوى شرب ابريق شاي وتناول ساندويشة جبنة
لا اعلم ما الذي يحصل معي منذ عدة ايام ,فانا اعاني من بدايات اكتئاب لعينة , ويبدو ان هذه الرحلة الاكتئابية ستطول الى ما بعد انتهاء مرحلة الامتحانات النهائية , لا اعلم ان كان السبب هو ان هذا العام يوشك على الانتهاء ,وبينما يفترض العقل ان اكون في قمة الحماس لبدء عام جديد , اراني اعاني العكس تماما ,فهذا العام كان مميزا جدا بالنسبة لي , وفعلت خلاله امورا لم يكن قد سبق وفعلتها , و ربما اكون قد تحدثت عن هذا في تدوينة سابقة , لست ادري ولم اعد اركز , وكل النصوص التي اقرؤها مؤخرا لم اعد اقرؤها فعلا , بل اكتفي بتمرير عيوني على الكلمات , او ربما على الاحرف فقط , بينما ذهني في اللامكان.
قلت انني فعلت في هذا العام امورا جديدة وغريبة ولم يسبق ان قمت بها , فمثلا سافرت الى خارج الاردن للمرة الاولى , صحيح انني كنت قد سافرت الى فلسطين من قبل , والى السعودية ايضا الا ان هذا لا يحتسب , اما لقرب المسافة او لأنني كنت اسافر برا , وهذا يعني انني لم اكن احس بالمعنى الحقيقي للسفر . على كل سفرتي هذه كانت الى تونس الخضراء , تونس ما بعد الثورة , تونس الحرة الجديدة , وقد كنت مدعوا وقتها للمشاركة في مؤتمر المدونين العرب المنعقد هناك , وقد تعرفت خلال الرحلة الى اشخاص عظام , اردنيين ومصريين وتونسيين ومن مختلف الجنسيات العربية وغير العربية ,اما طريقة السفر فقد كانت الطائرة طبعا , وقد توجهنا من مطار عمان الدولي الى مطار اسطنبول , ومن هناك الى تونس
الكفن الجميل
لا استطيع ان اسمي الطائرة الا بهذا الاسم , الكفن الابيض الكبير الجميل , هذه هي المرة الاولى التي اصعد فيها الى طائرة , وقد شاهدت الكثير الكثير من الافلام التي تحدث قصتها كلها في الطائرة ,والاهم انني كنت وقبل سفري بقليل قد انهيت قراءة رواية "السيدة من تل ابيب " للكاتب الفلسطيني ربعي المدهون والتي يحدث جزء غير قليل من احداثها في الطائرة ,وللاسف ان حظي لم يكن كحظ صديقنا مؤلف ذاك الكتاب , فلم التق بممثلة شابة مثيرة , ولا جلست الى جواري مغنية مشهورة , او ربما يكون هذا ما حدث الا ان خوفي منعني من الانتباه , المهم صعدت الى الطائرة ومعي حقيبة ظهر وضعت فيها كتابين اضافة الى دفتر وامور اخرى , الكتابان كانا "فلسطيني بلا هوية " للشهيد القائد صلاح خلف ابو اياد , والكتاب الاخر كان مشكلة الافكار في العالم الاسلامي لمالك بن نبي , وبما انني كنت قد قرات كتاب فلسطيني بلا هوية من قبل فقد قررت البدء بكتاب مالك بن نبي اولا , ويالحماقة ظني , فقد كنت افعل ما افعله هذه الايام , امرر عيوني على الاحرف والكلمات دون ان اقرا او اعي اي حرف مما اقرا , وربما هذا كان للأفضل , فاي قراءة هذه التي اقراها بينما انا الان اطير " حرفيا " فوق بحر الروم " البحر الابيض المتوسط " , وعندما اقكر في موضوع القراءة برمته لا استطيع الا ان اتذكر بطلة رواية "الكائن الذي لا تحتمل خفته " تلك البطلة التي كانت تعمل في "بار " على ما اعتقد والتي كانت تحمل كتابا لتتظاهر بانها مثقفة ,ويبدو انني انا ايضا اميل الى هذا الامر , فانا لا احب القراءة في الباصات وهي تصيبني بصداع رهيب , وبالتاكيد ان الاهم هو ان اعيش اللحظة داخل الطائرة لا ان اقرا كتابا من الممكن ان اقراه في اي مكان اخر سوى هذا المكان , لكنني ولانني قد غرست في نفسي ان المثقف الحقيقي يستغل كل لحظة مع الكتاب , ولانني رايت اليابانيين يقرؤون على الاشارات في "خواطر " ولأنني احب شكل المثقف اكثر من الثقافة ذاتها ربما ,على كل الحقيقة انني تركت الكتاب بعد عدة دقائق من امساكي له واخذت انظر من النافذة التي كنت محظوظا في جلوسي الى جوارها في الطائرات الاربع التي ركبتها " نعم ركبت اربع طائرات يا سادة :) " ويا رباه كم كان المنظر جميلا , بحر على مد البصر , بحر لا نهائي , بحر الى الابد , هذا ما كنت اراه امامي , وهذا ما كنت احتاجه دوما , احتاج الى البحر , الى الفضاء الي يصاحبه , احتاج الى رؤية التقاء البحر بالسماء , لأعلم ان في هذا العالم امورا اجمل واهم من سفالة الحياة اليومية , ومشاكل العائلة التي لا تنتهي , وسخافات السياسة وقرفها , لاعلم مجددا ان النقاء لا زال موجودا في هذا العالم ولو كان بعيدا عني بعض الشيء الا انه موجود , كنت بحاجة الى المتوسط لأشفى من شوقي للبحر وانا الذي لم يسبق لي ان رايت بحرا سوى الميت , "ان جازت تسميته بالبحر " البحر المتوسط مختلف تماما , مختلف جدا هو النقيض المثالي للبحر الميت , مليء بالحياة , بل زاخر بها يا سادة .
لكن قبل المتوسط كانت اهم اللحظات , ثواني الرعب , لا بل دقائقه اللاتي بدأت منذ اللحظة التي تحركت فيها عجلات الطائرة , كنت قد قرأت سابقا ان الطائرات هي وسائل النقل الاكثر امانا في العالم , وعلى الاغلب ان هذا صحيح , لكن في الوقت ذاته في حالات السيارات والحافلات , لا يعني وقوع حادث الموت , وبالتأكيد ليس بالضروروة ان حصل حادث سيارة وكنت داخلها " لا قدر الله " ان تموت محترقا , بينما الوضع في الطائرة مختلف تماما , مختلف جدا , ,فالموت محترقا او غارقا هو ما ينتظرك على الارجح , ومن ثم ما الذي يجعلني اثق في قائد الطائرة , كيف اعلم انه ليس حشاشا يحاول التعافي "او لا يحاول " او ان يكون قد طاب له ان يثمل جدا قبل ان يصعد الى طائرتنا التي ستتحول على يديه الى كفن ؟؟ ولو وثقت به فلم ثق ببرج المراقبة , وبالطيارين الاخرين الذين يحتلون السماوات !!! ولو نفرض ان السماوات سليمة تماما من الثمالى والحشاشين ومن اولئك الذين اخذوا رخصة القيادة عبر فيتامين واو " الواسطة " فمن اين تأتيني الثقة في ان الجالس الى جواري لا ينتمي الى تنظيم القاعدة الذي اختارنا لنرافقه في رحلة نحو المجهول , او الى وزارة دفاع ما !!!
ولا اخفيكم انني تذكرت ابطال المجال الخارجي ورأيت البطلة ليلى خالد في كامل جمالها وابهتها في خيالي الخصب , افكار كثيرة كانت تلخم رأسي وخصوصا في اللحظة التي , فارقت فيها عجلات الطائرة ارض المطار , وبدات اشعر بتخلصنا من الجاذبية اللعينة لكن الرحلة استمرت , وافكاري هدأت ومخاوفي نجحت في التخلص من بعضها بعد هنينهة من الوقت.
No comments:
Post a Comment