كنت قبل قليل في لقاء مع مجموعة “انكتاب “ ,وهي مجموعة انبثقت “عجبتني انبثقت ” عن موقع حبر دوت كوم المهتم حتىالابهار في المجتمع الاردني الشبابي وتطويره
ما علينا
كنت مع مجموعة رائعة من الشباب ” دكورا واناثا ” نناقش رواية عزازيل , الرواية الاشهر عربيا خلال العامين الماضيين , والتي حصلت عقب صدورها على جائزة البوكر العربية والتي تعد بحسب راي العديدين اقوى جائزة عربية للرواية العربية
اقول مجموعة رائعة لعدة اسباب : اولا ان شباب المجموعة ياتون من خلفيات فكرية وثقافية غاية في التنوع تعكس بشكل او باخر توجهات الشارع الادني ومذاهبه الفكرية ” غير المتناحرة “, وثاني اسباب روعتهم ان الشباب في معظمهم قراء نهمون , وذوو ذائقة جميلة , والاهم من هذا وذاك انهم وفي معظم الوقت يعرفون كيف يستمعون الى بعضهم البعض . ويجيدون النقاش البناء المفيد لمعظم من يستمعون اليه
وقد شاركنا في النقاش اليوم كاتبان جميلان :الاول هو الكاتب الاردني الياس فركوح والذي سبق وقرا العديديون منا روايته ارض اليمبوس , وقد ساهم الاستاذ في اثراء نقاشنا بشكل كبير , والحقيقة انه ساعدني عندما ” عكيت وانا امدح تقدمية هيبا , وكذلك امتعنا وهو يتحدث عن اللغة
اما الرائع الثاني فهو الاستاذ يوسف زيدان والذي وافق وفي بادرة تحسب له كمثقف وكانسان على ان يناقش معنا الكتاب عبر الانترنت
وتحمل مشكورا الأوقات التي تعطل فيها الاتصال به , والمرات التي كنا نطلب منه فيها ان يعيد الكلام علينا لأننا لم نستمع جيدا , كما وامتعنا حضرته بخفة الدم المصرية المعتادة وبحنوه الابوي عندما تحدث مع اصغر قارئة للرواية
اشعر بانني اطلت الحديث عن اللقاء حتى كدت انسى الرواية
وسأضع الافكار في ترتيب رقمي حتى تكون اوضح ولأنني اشعر بنهاس لا يأذن لي بكتابة فقرات متتالية متناسقة ,ولذا فلتسامحوني
خلال الاستراحة اخبرني احد الحاضرين بينما كنت امتدح الجلسة ان علينا ان نناقش موضوع السياسة في الرواية , فاجبته بعفوية ان لا سياسة في الرواية ثم بسرعة اتضح لي تعجلي في الكلام , صحيح ان الحديث عن الدولة والحكام كان غير بارز كثيرا في الرواية الا انه عندما ورد كان مؤثرا وخصوصا بالنسبة لي عندما اخبر هيبا عما قاله “نسطور ” يوم رُسِمَ اسقفا : ساعدني في حربي ضد الكفر ,اساعدك في حربك ضد الفرس ,,,,” الخ
هكذا هي العلاقة بين “رجال الدين ” وبين السياسيين في معظم الاحيان , علاقة استغلال متبادل ,فالحاكم يريد ان يمنح نفسه شرعية ربانية حتى يفعل ما يطيب له في ” الرعية ” يقتل وينهب ويسلب وكل هذا يتم في ظل الموافقة “الدينية ” ويصبح الحاكم المطلق وكل هذا باسم الرب زعما والخنوع المجتمعي , فاي محاولة للخروج على الحاكم او على الاقل الاعتراض عليه هي كفر وزندقة وكفر بالرب الذي يحكم هذا الحاكم باسمه والذي منه مباشرة يستمد شرعيته
اما رجل الدين “المستغل للسياسي ” فانه يستفيد اعظم الاستفادة من هذه العلاقة فكما يطلق هو يد الحاكم على الرعية , يطلق الحاكم يده على كل مخالف , فيوسم بالهرطقة او الكفر او الزندقة كل من يجرؤ على مخالفة رجل الدين هذا , ويعتبر زنديقا مرتدا ,وفي افضل الاحوال مرتدا , وهذا ما مارسه اسقف الاسكندرية مع نسطور عندما طرده من الديانة وحرمه
ثانيا : اعجبني جدا قول نسطور في الصفحة 242 : كلا يا ربولا ,لن اهادن في هذا الامر ابدا , وليكف كيرلس عن وهمه المريض بانه حامي الايمان على الارض ” .
كلام رائع وهو ما نحتاج اليه كثيرا هذه الايام ونحن نرى الانقسام المذهبي المفجع الذي تعاني منه امتنا والذي يتجسد في الصراع بين السنة والشيعة في العديد من دولة المنطقة وما يصاحب هذا الصراع من تحالفات وافتراءات بل وقتل وتفجير متبادل لدور العبادة ,,, هذا اسلاميا اما مسيحيا فلا اعلم ما هو الحاصل .
والمشكلة ان الطيب نسطور وفي مناقضة صارخة للذات مارس ما كان ينتقده منذ قليل فبينما انتقد ادعاء اسقف الاسكندرية امتلاك الحق كل الحق ,مارس هو ذات الشيء عندما عين اسقفا للعاصمة “انطاكية “على ما ذكر
يا ايها الرجل المعلم غيره ,,, هلا لنفسك كان ذا التعليم
تصف الدواء لذي السقام ,,,, وذي الضنا كيما يصح به وانت عليل
واراك تصلح بالرشاد عقولنا ,,, ابدا وانت من الرشاد عدبم
لا تنه عن خلق وتأتي مثله ,,, عار عليك اذا فعلت عظيم
ثالثا : اعلم انني اطلت وانني لم انم منذ الامس وان علي ان استيقظ بعد سويعات الا انني لن اسامح نفسي ان سمحت لقلمي الا يسطر تلك الكلمات الرائعة التي خطها هيبا في الصفحة رقم 146 والتي يقول فيها :“نظرتُ إلى الثوب الممزق في تمثال يسوع، ثمّ إلى الرداء الموشّى للأسقف! ملابس يسوع أسمالٌ بالية ممزَّقة عن صدره ومعظم أعضائه، وملابس الأسقف محلاة بخيوط ذهبية تغطيه كلّه، وبالكاد تظهر وجهه. يد يسوع فارغة من حطام الدنيا، وفي يد الأسقف صولجان، أظنّه من شدّة بريقه، مصنوعاً من الذهب الخالص”
وبالطبع هذا التناقض موجود لدى الكثير من رجال الدين “اي دين ” للأسف ,بل وانه موجود لدى الكثير من الاصلاحيين سواءا اكانوا سياسيين او اجتماعيين او دينيين ,فلا يجوز عزيزي المصلح ان تتحدث عن الكادحين ومعاناتهم وانت لم تدق مسامارا في يوم من الايام , كما لا يجوز لك صديقي السياسي ان تتحدث عن الديمقراطية والحرية والعدل بينما تظلم اهل بيتك ,اليس كذلك
ولا يجوز لك عزيزي المصلح ان تتحدث عن الزهد و انت تقود سيارة “موديل السنة ” ولا ان تتحدث عن الامعاء الخاوية بينما ما يلقى في سلة مهملاتك كل اسبوع يكفي لإطعام فقراء الحي كلهم .
ببساطة تصبح الاقوال مجرد هراء مهما كانت جميلة وبراقة ان لم يصاحبها الحد الادنى من الفعل
الرواية تحتمل الكثير من الكلام ولا زال في جعبتي وجعبتكم ايضا الكثير الكثير من الحديث وخاصة عن المرأة , وعن الجنس في الادب بشكل عام والادب العربي بشكل خاص , وبالطبع سأفرد تدوينة في قادم الايام لأسطر فيها الاقتباسات التي امتلئت بها نسختي من الكتاب
واخيرا ايها الانكتابيون الاعزاء :ها هو حارس الدير نائمٌ في أمان حارس الكون الذي لا ينام .
فنوما هنيئا لمن لم ينم منك بعد وتصبحون على “عالم زي العالم ” .