لدينا في الاردن فساد , صحيح ان الحكومة تضع راسها في الرمال او في الملفات وتزعم انها لا تعرف شيئا عن هذا الشبح المدعو فسادا , الا انك لو سألت اي طفلة في بلاد الواق الواق لاجابتك انها سمعت عن ان في الاردن فسادا , لدينا في الاردن فساد سياسي يجعل المناصب الحكومية تُوَرَثُ كما العقارات , ولدينا كذلك فساد اقتصادي , قام به من يوصفون بانهم حيتان "البلع " مما انهك خزينتنا الفقيرة اصلا , وجيوبنا الخاوية فعلا
ولدينا كذلك فساد اخطر وكثر ايلاما واشد اثرا , الا وهو الفساد المجتمعي , والذى ارى ان الفساد السياسي والاقتصادي ما كانا ليوجدا لولا انتشار هذا النوع من الفساد انتشار النار في الهشيم , ومن مظاهر هذا الفساد الانانية التي تختصر الوطن كل الوطن بشهدائه وتاريخه وبطولات ابنائه في المصلحة الشحصية للفرد , ومن مظاهر هذا الفساد ايضاً الفهم الخاطئ للوطنية بحيث صار الإنتماء عبارة عن شريط لمتعب السقار , وشماغ لابد وان يكون احمر اللون وعلم رباعي الالوان سباعي النجمة لو كان رافعه يعرف ما الذي تعنيه هذه الراية لما فعل نصف ما يفعل .
لكن ما استفزني اليوم للكتابة هو الامر الاردني الخالص جدا , الا وهو ان يكون اول ما تستفتح به نهارك وحتى قبل فنجان القهوة هو خبر قتل شاب اردني لشقيقته في احدى الحلقات المستمرة لمسلسل جرائم " الشرف " التي لا يبدو ان لها نهاية تلوح في الافق .
ما الذي سيحدث الان ؟
الحكومة بالطبع ستدين هذه الجريمة النكراء , ومجلس نواب ال 111 سيدين هو الاخر وسيصف الامر بالجريمة البشعة التي لا تمت بصلة الى اخلاقنا , ودائرة الافتاء لابد وانها ستقول ان هذه الجريمة ما كانت لتحدث لولا انتشار العري والاختلاط , وجمعيات حقوق الانسان ستصرخ وتدين , وجمعيات الدفاع عن المراة سيبح صوتها " المخنوق اصلا" وهي تستصرخ المسؤولين في هذا البلد ايقاف هذه المهزلة .
اما المجتمع فإنه لن يبالي على الاطلاق بما حدث , بل انك لو ناقشت افراد المجتمع او حتى طلاب الجامعات لأصابتك الصدمة !! لماذا ؟
لانك ستجد تكراراً لنفس السيناريو الذي سمعتُه بعد حفلة البلطجية في دوار الدلخلية !!! ستجد عبارات من قبيل : بتستاهل , الله لا يردها , الله يحيها الايد اللي ضغطت الزناد , اللي بتفرط بشرفها بدها ذبح مش بس طخ " (ثم بعد هذا يحلو لنا ان نصف انفسنا باننا مجتمع غير عنيف ) .
هل تظنون انني اتجنى على شبابنا الجامعي المثقف المتعلم الواعي و الذي علينا ان نرفع رؤوسنا به عاليا ؟؟؟ حسنا .
بينما كنت اناقش مع صديق لي مشكلة صعوبة توفر الامكانيات المادية اللازمة للزواج عند شبابنا الاردني قال لي ان المشكلة ان الاناث يحصلن على العمل بينما لا يحصل عليه الذكور , وكنتيجة لهذا الامر كان لزاما علينا "كمجتمع " ان نمنع الفتيات من دخول الجامعات , بما انهن يجب ان يمنعن من العمل حتى نحظى به نحن الذكور , بما اننا من نعيل الاسر , والاناث كما هو معروف مصيرهن و "اخرتهن" الى بيت الزوجية "
والحقيقة ان كلمة منع الاناث من دخول الجامعات قد ارعبتني جدا , لانني رايت فيها امرا اخر , فماذا لو ان احدا عزا هذه الجريمة " قتل الاخت " الى دخول الفتيات الى الجامعات وطالبهن بأن يكتفين بالتعليم الثانوي ؟
بالطبع سيرد عليه شحص اخر ان من " تفرط بشرفها " في الجامعة قد تفرط به وهي عائدة من المدرسة اذ تكون في تلك الايام امراءة كاملة النمو وقد يضحك عليها شاب ما كما سيضحك عليها ان هي دخلت الجامعة
وعندها سيطالب صديقي ومن ينتهج نهجه ان نمنع الفتيات من دخول المدارس الثانوية او الاعدادية ونكتفي بالتعليم الابتدائي , او ان ننكتفي بتعليم الاناث في البيوت !!! وما العيب في هذا ؟
لكن هنا برز لي سؤال اخر ماذا لو ان الفتاة غير الجامعية وغير الثانوية والتي لم تحظى حتى بتعليم ابتدائي نزلت الى السوق وقام البائع بإغوائها ؟؟؟ اليس هذا جائزا ؟
وعند هذا الحد من التفكير وصلت الى الحل الذي سيرضي صديقي عني وسيحل موضوع جرائم الشرف والى الابد وسيجعلنا ننام كما الاطفال دون كوابيس موضوعها الاوحد هو الجنس
علينا ان نفعل كما كان اجدادنا العرب يفعلون قبل الف وخمسمئة عام
الوأد
نعم الوأد
وهكذا نحل موضوع الشرف ولا يصبح مجتمعنا الشرقي الذكوري مهددا بالعار الذي سيلحقه به غشاء البكارة
صحيح ان اخواتنا يغتصبن في العراق وفلسطين , وصحيح ان اموالنا تنهب , وصحيح ان ديننا يهان , لكن هذا كله يهون عند ال "سم المربع " الاهم في حياتنا
علينا ايها السيدات والسادة ونحن نطالب بالاصلاح السياسي والاقتصادي ان نفكر جديا وان نعمل سويا على الاصلاح الاجتماعي والذي صدقوني يبدو لي اصعب بكثير واهم بألف مرة
وعندما نصل الى مجتمع "النحن " فيه تسبق ال "انا" سترون ان الفساد قد فر عن بلادنا الى غير رجعة