كتب الرائع علاء الأسواني في بداية هذا الأسبوع مقالا يعنوان هل نحن متدينون حقا , وعلق في المقال على الأحداث الاخيرة في مصر وعلى موضوع مطالبة بعض الضباط بالسماح لهم بإطالة اللحية وهو الامر الذي لم يكن معروفا ولا مشاهدا قبل الثورة , وتسائل الدكتور الأسواني عن سبب هذه النفحة الإيمانية العجيبة التي نزلت لا ندري من اين بضباط الشرطة , خاصة اذا عرفنا انهم كانوا الى وقت قريب , وبل ولا زالوا خير من يمارس التعذيب بحق المواطنين المصريين في الشوارع او داخل اقسام الشرطة .
ويتسائل الاسواني عن ايهما اولى اطالة اللحية ام التوقف ان اطالة اليد على رقاب ووجوه واجساد البشر الذين كرمهم الله في كتابه العزيز
وانا اضيف الى ما قاله الدكتور اين كان كل هذا التدين عندما كانت كرامة المصري تهان داخل اقسام الشرطة امام ناظري هذا الضابط الذي يطالب الان "بحق " اطالة اللحية , بل ربما كان هذا الضابط نفسه يمارس اقذر انواع التعذيب على النشطاء السياسيين او على " الغلابة " من دون وجه حق , ولو راجعته في هذا الكلام لقال لك انما انا عبد مامور !!!! هي مجرد اوامر انفذها !!!
ولنفرض ان هذا الكلام صحيح الم يسمع ضابطنا الهمام بأنه لا طاعة لمخلوق في معصية الخالق ؟؟؟ هل بلغ لسمعه ان اطالة اللحية واجب ولم يصل الى هذه الأذن ان تعذيب البشر حرام !!! وان التقاعس عن حماية المظلومين حرام ؟؟؟ وان السماح او المشاركة في قتل الأبرياء حرام ؟؟
ومن مصر انتقل الى الأردن حيث شاهدت اول امس فيلما اردنيا بعنوان " مدن ترانزيت " للمخرج الشاب محمد الحكشي , وللفنانة الرائعة صبا مبارك و اليكم هذا المشهد من الفيلم : تذهب صبا الى احد البنوك الاسلامية من اجل ان تدفع بقية ما على عائلتها من نقود القرض الذي اخذوه من اجل شراء البيت الذي يسكنونه , تدخل صبا الى مكتب الموظف كي تتحدث معه في هذا الشأن وتكون مرتدية تنورة ترتفع الى ما فوق الركبة , وتجلس امام مكتب الموظف الذي عندما يرى ساقيها يرتبك ويتعرق جبينه ولا يدري ما يصنع , فيخرج من جواره سجادة صلاة ويطلب منها عبر اشارة من يده ان تغطي ساقيها , الامر الذي يدفعها الى الضحك , الا انها مع هذا توافقه على ما طلب وتشرع في الحديث معه عن القرض وتسأل هل اذا قامت الان بتسديد بقية القرض هل سيقوم البنك بالتقليل من قيمة الفائدة !!! وهنا كان لابد للموظف الملتحي ان يبين لها عظيم الخطا الذي ارتكبته الا وهو ان هذا البنك بنك اسلامي ولا يتعامل بالفائدة وانما بالمرابحة , و اجابها ان القرض يدفع كاملا بغض النظر عن وقت التسديد لانه كما سبق وذكر هذا بنك اسلامي ولا مجال فيه لهذا النوع من التعاملات .
وتعليقي الصغير على هذا " الأخ " هو ان استغلال حاجة البشر لم يستفز مشاعره الدينية , ولا حرك حفيظته بينما استفزت رجولته ودينه واخلاقه ساقا صبا
هذا "الاخ " لا مانع عنده من "سرقة " عرق البشر , ومص دمائهم بفائدة لا تبقي ولا تذر " عفوا اعني بمرابحة لا تبقي ولا تذر , لكن عنده الف مانع لدى كشف صبا عن ساقيها
ايها الاعزاء هذه هو الفهم الحالي للدين , هذا هو مابتنا نفهمه من الدين , حولنا الدين الى
شماعة نستعملها عندما نريد , ونتحايل عليها بتأويل النصوص عندما نريد
ودليلي على هذا هو ان جماعة اسلامية معروفة حرّمت المشاركة بالانتخابات بدليل شرعي , ثم عادت واوجبت المشاركة فيها بدليل , واواجبت التصويت لمرشحيها بدليل ايضا
حوّرنا وحولنا الدين كما شاءت لنا انفسنا حتى نصل الى اقل قدر ممكن من الالتزام الاخلاقي , فلا مشكلة من بيع الاسعار بأغلى الاسعار طالما "حلل الله البيع وحرم الربا " لا مانع من اعطاء العامل اقل اجر ممكن طالما اعطيناه اجره قبل ان يجف عرقه
وبعد هذا وذاك نذهب الى النوم قريري الأعين مرتاحي الضمائر وكأننا قدمنا كل ما علينا وفعلنا كل ما ينبغي لنا , وبعدها نجرؤ على ان نتوقع ان يدخلنا الله جنة السماء من اوسع ابوابها
هل هكذا يكون التدين