Wednesday, February 13, 2013

ومن الأحلام ما قتل

قبل سنوات من الان عندما كان عالمي مغلقا عليّ, لا يدخله احد  بإذني ولا رغما عني , كانت الأحلام هي الشيء الوحيد الخارج على هذه المنظومة الامنية المحكمة , في تلك السنوات كنت في بعض الليالي استيقظ من النوم باكيا , وفي ليال اخرى أستيقظ شاتما لاعنا , خصوصا عندما أكون قد فقدت بسبب الصحو حلما جميلا فاتنا غالبا ما كانت تشاركنيه فتاة جميلة . 
اما الأن فعالمي الصغير الذي أشكل أنا مركزه وشمسه قد بات يعج بالداخلين والداخلات , والخارجين والخارجات , وببعض الماكثين الذين طابت لهم الإقامة فيه . هذا الأمر جعل من الاحلام رفيقا ثانويا لا آبه لشأنه كثيرا , خاصة وان زيارات الفاتنات قد توقفت , الأمر الأمر الذي جعل من النوم مجرد استراحة يومية مملة لا داعي لها سوا الإرهاق الجسدي والكسل الأبدي . 
لكن وهنا لب المعضلة , أقول لكن الامس كان يوما مختلفا تماما  , إذ ان الزائرة المجهولة هذه المرّة كانت مختلفة تماما , الزائرة التي جائتني في المنام هذه المرّة كان مخلوقا من عوالم سماوية _والله تعالى اعلم _ , و ليس موضوع الجمال هو الذي دلّني على هذه السماوية المفترضة , ولكن امراً أخر مختلفا تماما وجدا . وهذا الأمر هو ببساطة هو القدرة الهائلة على منح الحب . 
يقول درويش في معلقته مديح الظل العالي : بيروت التي تعطي لتعطي , هكذا تحدث عن بيروت العام 82 , وبعيدا عن السذاجة التي ستفترضونها فيّ اسمحوا لي ان استعير هذا المقطع وأشير به إلى جميلتي  التي يحق لي أن أقول أنها كانت كذلك:  فاتنتي التي تعطي لتعطي , ثم لا تسأم من يديها ولا من شبق المحب _الذي هو أنا _ 
كنت دوما اظن أن الامهات وحدهن هن اللواتي لديهن قدرة على ان يعطيني ثم يعطين , ثم يعطين , لكن ما شاهدته بالأمس كان امراً مختلفا تماما إذ ان هذه العصية على الوصف , والتي هي أرفع من ان تسمى كانت أقدر من الأمهات على المنح, والوهب , وما هي بأم . 
استيقظت من النوم وصورتها امامي . لا أعرف ما الذي أفعله بهذه الصورة , أرسمها ؟ أكتبها ؟ أنساها ؟ ألعنها ؟ لم أعرف ما الذي يتوجب عليّ فعله فعدت للنوم , لكن زائرتي لم تأت ! 
""ولن" صوت من عالم ما ورائي يصرّ على إيراد هذا النفي" 
ما الحل يا سادة أعاود النوم مرة تلو المرة , اعلم ان علي شُغُلا لابد من إنجازه , اعلم ان علي مواعيد لابد من الوفاء بها , لكن فليذهب العمل إلى الجحيم , ولتذهب المواعيد إلى حيث ألقت, المهم الأن هو أن أراها , أضع راسي على الوسادة الملوثة بأحلامي وأسترخي محاولا ألّا أفكر بشيء , وأنااااام , لكن دون جدوى , مرّة تلو المرّة حتى كاد النهار ينتصف وحالي الذي يجلب الشفقة وصفه غلام شاعر قديما إذ قال لمحبوبته التي كانت امامه : 


ولقد رأيتك في المنام كأنما,,,,عاطيتني من ريق فيك البارد 
وكأن كفك في يدي وكأننا,,,,,,بتنا جميعا في فراش واحد 
فطفقت يومي كله متراقدا,,,,,,لأراك في نومي ولست براقد 

هكذا كان يومي , لا أرى أمامي سوى بقايا الصورة التي احتفظت لها بها من الأمس , وهو اليوم الذي لا أظن أنني سأتمكن من نسيانه بسهولة , وأغلب الظن أنني الأن سآوي إلى فراشي فلي موعد لن أخلفه مع فاتنة الامس التي اتمنى ألّا يكون حالها اليوم كصاحبة المتنبي : 
وزائرتي كان بها حياء,,,,,, فليس تزور إلّا في الظلام