Sunday, October 28, 2012

هل يحبون غزة فعلا؟ بقلم فادي قرعان

هل فعلا نزل حب قطاع غزة في قلوب قادة دول الخليج أم أن وراء الزيارات ما ورائها ؟ 
السطور التالية محاول من الناشط الشبابي فادي قرعان لتحليل  هذه الزيارات المتكررة 

حمد البحرين يزور غزة بعد حمد قطر. ليش؟ عشان في صراع إنتخابي سياسي داخل حماس بين كتلة تريد الحفاظ على التحالف مع إيران وحزب الله وأخرىتريد تقوية الرابط مع الإخوان المسلمين والخليج والتخلص من التحالف مع إيران، خاصةً وأن البترودولار الإيراني ضعيف هالأيام بسبب العقوبات الدولية والثورة السورية، وطبعاً الأقطاب السياسية في المنطقة (الخليجي-أمريكي والإيراني) لا يهتمان بمصالح الشعب الفلسطيني، فإيران تريد غزة كرادع لهجوم إسرائيلي-أمريكي عليها، يعني إذا إيران بدها تزعج إسرائيل بتفرض على حماس انها تدخل في صراع، حتى لو حماس والشعب الفلسطيني مش مستعدين لا هيك صراع وحتى لو إنو هاد الصراع ممكن يخلف ضحايا ويضعف قدرتنا على المقاومة وقضيتنا، فبقاء النظام الإيراني لخامنئي أهم بكثير من تحرير فلسطين، ومن سفك دماء الشعب الفلسطيني.أما التحالف الخليجي-الأمريكي (أكبر معسكريين للجيش البحري الأمريكي في الشرق الأوسط هما في قطر والبحرين)، فاهدافة تكمن في شراء غزة وولاء حماس بالبترودولار، أولاً لكي يخلقوا لأنفسهم القدرة على إبتزاز حماس، تماماً كما حدث لفتح في الضفة بعد أسلو (أبصر كم من قائد حمساوي وموظف سيعتمد على مئات الملايين التي دخلت للحفاظ على قوت يومه ومنصبه)، ومن هناك تزيد قدرتهم على التحكم بمسار القضية الفلسطينية وإستغلالها وفرض الأجندة الأمريكية عليها، كما أنهم يضعفون إيران (عدوهم الأول في المنطقة) + نجاح إضافي يكمن في أن هذه الزيارة تشكل حملة علاقات عامة ناجحة لسفاحين مثل حمد البحرين الذين ينتهكون حقوق شعوبهم.أما حماس، فهي بحاجة لهذا المال لأن مخزونها قرب ينتهي، خاصة وأن حركة الإخوان المسلمين العالمية قللت دعمها المالي للحركة لكي تصرف على حملاتها الإنتخابية في دول المنطقة وإيران الآن تمر بمرحلة إقتصادية صعبة،وتدرك تماماً حماس، الحركة التي أسست نفسها عن طريق المشاريع الإجتماعية، أنها ستسقط إذا لم تنجح في الحفاظ على وظائف ابنائها وكوادرها، خاصةً وأن نسبة اللا مساواة الإقتصادية في غزة ترتفع كل يوم، مما يشكل خطر إنفجار شعبي ضد الحركة، وشعار المقاومة لم يعد ينجح حيث أصبحت حماس حركة تقبل يدي المقاومة وإنتقل هذا الشعار إلى حركة الجهاد الإسلامي. قادةحماس يعلمون أن حركتهم السياسية لن تصمد إذا لم تدخل سيولة ومشاريع لمواطنين القطاع، ومن هنا الكتلة الداعمة للخليج داخل الحركة نجحت في فرد القبول بزيارة حمد وحمد. أما حركة فتح، والتي تعلق على هذه الزيارات بسلبية، فأنصحها (إذا حقاً ارادت التأثير على حماس)أن تعلن: "يا حماس، والله جربنا هاد الحكي قبل عشرين سنة وشوفو شو جاب لنا." والمشكلة في كل هذه المعدلات، أنه من ال-1948 حتى اليوم لم تكن هناك قوة سياسية في المنطقة، ولا حتى في فلسطين، إلي وضعت مصلحة الشعب الفلسطيني قبل المصالح الفئوية، طبعاً هذا مش شي مفاجئ لأن الواقعية السياسية وحسابات المصالح دائماً في الصدارة عندما نتكلم عن السياسية الخارجية والعلاقات بين البشر. لكن المؤسف اننا لا نتعلم من اخطائنا، فالسؤال الذي علينا أن نطرحه على أنفسنا هو: "ما هي الموارد الذي يملكها شعبنا؟ وما هي الفرص المتاحة والتحديات التي امامنا؟ وكيف ممكن أن نستغل هذه الموارد والمعادلات السياسية لتحقيق الحرية والعدالة والكرامة؟"مثلاً، خطف حمد وموزة قطر وأخدهم كرهائن كان جاب أكثر من 500 مليار بدل 500 مليون دولار للقضية الفلسطينية D: أو ممكن التفاوض مع أمريكا على وقف مساعداتها لإسرائيل مقابل الإفراج عن حمد البحرين، فأمريكا بحاجة للإستقرار في البحرين للحفاظ على سلاسة توريد النفط في الخليج العربي، والنفط أهم لأمريكا من إسرائيل، والأهم من ذلك أننا، ومن خلال خطف حمد البحرين سننصر اخواننا الثوار في البحرين، الذين يهتفون لفلسطين في مسيراتهم كل يوم.هذه مجرد أفكار، وعلينا كشباب أن نبني قوة سياسية منظمة حقيقية لكي نخرج من المأزق السياسي-إقتصادي-أخلاقي الذي خلفته وستخلفه سياسات حماس والمنظمة، فهذا المأزق عقبة أما تحرير فلسطين.

Monday, October 15, 2012

غرافيتي وحائط يتيم , بقلم باسل الأعرج


قصة قصيرة
غرافيتي وحائط يتيم
تعثر  اثناء نزوله عن درج البيت , وقع وتلطخت ملابسه, وقف وشتم الاحتلال , اعتاد على مثل هذه العثرات واعتاد اهل القرية ان يهبوا لمساعدته , قصر عظمة الفخذ اليسرى نتيجة رصاصة دمدم لم يكن يخجله ابدا , كانت تلك الإعاقة شهادة له اينما ذهب على حجم تضحياته ونضالاته شهادة عز  على زمن كانت الفكرة حجراً والرفض علماً والرؤية شعاراً يستحق رصاصة ثشوه ساقاً وفي طريقها تسقط شهيدا ,لدرجة أن أطفال القرية كانوا يتعمدون تقليد مشيته اعجابا به .
 وصل سيارته وشق طريقه الى المجلس القروي في الشارع الذي قام الممولون بتوسعته, اختفت كل زقاق البلدة القديمة التي كان له فيها صولات وجولات , مر امام ذلك الحائط اليتيم الذي رفض ان يتم هدمه ابدا في اطار توسعة البلدة القديمة , ووافقه اهل القرية على هذا , فعند هذا الحائط استشهد احمد وفقد هو ثلاث سانتيمرتات من عظمة فخذه , ارتسمت تلك الابتسامة الجريحة على محياه وهو يقرأ الفاتحة على روح احمد ونظر الى ذلك الغرافتي الذي ما زال واضحا لشعار العاصفة على الحائط , استرجع  تلك الليلة , احمد يقف ملثما وهو يحرس ويراقب خوفا من قدوم جيب حرس الحدود , فجأءة سقط احمد مع سماع صوت الرصاص , حاول ان يهرب لكن خانته قواه , نظر الى رجله فايقن انه اصيب ,لم يكمل الشعار تحت الغرافيتي كان قد كتب ( لاصوت يعلو فوق صوت ...).
في اليوم التالي كان مقيدا الى سرير المشفى العسكري وفوقه لافتة ( مخرب ), شباب القرية المتحمسين اكملو الشعار بكلمة ( الانتفاضة ) بدمائهم عند مرور جنازة احمد  امام ذلك الحائط , اصبح تقليدا في القرية ان تتوقف المسيرة السنوية لعيد الاستقلال بضع دقائق امام هذا الحائط , وترفع التحية العسكرية لذلك الغرافتي الذي كلف حياة احد شبان القرية وكلفه اعاقة مستديمة .
وصل الى مبنى المجلس القروي , كان قد لاحظ السيارة المارسيدس التي اشتراها علي والتي  يتحدث عنها كل ابناء القرية  ,علي حديث النعمة والذي اصبح مقاولاًكبيراً في المستوطنات خلف ذلك الجدار العنصري بعد أن كان اسمه علامه تجارية مسبوقة بعبارة احذروا على ذلك الجدار الذي رفض صاحبنا هدمه اكثر من مرةهذا عدا عن  تعرضه - أي علي- في الانتفاضة الاولى للتحقيق من قبل الفصائل لبعض الشكوك التي تحوم حوله وما بين هذا الجدار وذاك اصبح علي رئيسا لمجلسهم القروي ,
ترأس علي الجلسة , كان من ضمن الحضور كل اعضاء الملجس وقادة الفصائل في القرية و مدير  المركز الشبابي , والنادي الرياضي , ومديرة النادي النسوي , ومدير مركز الاطفال بالاضافة الى مهندس المشروع ومندوب من الجهة الممولة , الاجتماع سيناقش الرتوش الاخيرة في التحضير للاحتفال المزمع عقده كخاتمة للمشروع .
تم الاتفاق على تقسيم المهام والفقرات , المركز الشبابي سيقدم فقرة للدبكة واكد مدير المركز ان الفرقة تتدرب على دبكة جديدة تسمى بالزمر , لطالما شعر المناضل  بالغثيان من تلك الدبكة المستحدثة التي تختلط فيها حركات الدبكة التقليدية مع حركات رقص الهيب هوب المستوردة , النادي النسوي سيقوم بتحضير الضيافة وقد تم تخصيص ميزانية خصوصية لتلك الضيافة , مركز الاطفال سيقدم رقصة تعبيرية صامتة واحد شباب القرية سيقوم بعمل فيديو عن المشروع وتنمية القرية , تساءل المناضل في خلده لماذا لا يوجد مارش عسكري كما تعودنا في كل احتفالاتنا؟ .وقد وقع عليه الاختيار بالاجماع ان يلقي كلمة نيابة عن فعاليات القرية لما يحظى باحترام وتقدير من كافة اهالي القرية .
طلب علي من الفصائل ان تقوم بالحشد الجماهيري لاهالي القرية لحضور الاحتفال , صمت القادة فهم يعرفون انه لم يعد بامكانهم تحشيد الجماهير , لكن انقذهم مدير المركز الشبابي ذو الميول الليبرالية والمناهض للعنف والمتحدث بطلاقة بالانجليزية انه هو وباقي المراكز من سيقومون بالتحشيد .
جاء دور المهندس ان يقدم تقريره للحضور عن المشروع وبعض اشكالياته , واقترح ان يتم دهان جدران القرية باللون الابيض لاخفاء الخربشات القديمة التي كانت باللون الاسود والاخضر والاحمر , لاعطاء مظهر جمالي للقرية , وافق الحضور وكان اكثرهم تحمسا وتشجيعا علي قائلا : علينا ان نبدو متحضرين ونظيفين امام الاجانب , همس المناضل لنفسه " علي يريد ان يمحي اسمه عن تلك الجدران , فهل يستطيع ان يمحوا تاريخه المشين من عقول الناس ؟ " , وتم الاتفاق على الحفاظ على نظافة جدران القرية من الخربشات وتعهدت الفصائل بهذا.
واكمل المهندس بأن مندوب الجهة الممولة الاجنبي يريد ان يضع لافتة لوصف
المشروع وقد اقترح ان يضع اللافتة وسط
 ذلك الحائط الذي يعيق الطريق فهو اكثر مكان مناسب,واكمل المندوب قائلا :
                                                                      It is the ideal position   
صمت الجميع و  ولوا وجوههم نحو المناضل يريدون ان يسمعوا ما سيقول , سكت المناضل فكر قليلا وتذكر تلك الكلمة التي كثيرا ما يسمعها هذه الايام في التلفاز وفي مقر الاقليم ( براغماتي ) , وقال : لا مشكلة ابدا .
في اليوم المشهود استيقظ المناضل مبكرا , لبس لاول مرة في حياته بدلة رسمية بعد حلق الذقن مرتين متتاليتين , كان ايضا قد اشترى حذاء طبيا والكعب للفردة اليسرى يرتفع ثلاث سانتيمترات ليخفي اعاقته , ففي هذا اليوم سيحضر القنصل لحضور الافتتاح كذلك تلفاز الدولة الرسمي سيقوم بعمل تقرير عن المشروع والاحتفال .
خرج من البيت متوجها الى مكان الاحتفال حيث نصبت المنصة امام الحائط اليتيم , لم يتعثر هذه المرة على درج البيت , وصل الى مكان الاحتفال , كل القرية مجتمعة ومندوبي الوزارات والشخصيات المهمة والقنصل يجلسون في الصف الاول , الكاميرات متأهبة , ابتدأ الحفل بقطع الشريط وازالة الستار عن اللوحة التي وضعت  : 
فوق الغرافيتي  وكتب عليها 
                                                                                        USAID
                                  أي مقدم من الشعب الأمريكي إلى الشعب الفلسطيني
 حانت اللحظة لكي يصعد الى المنصة ويلقي كلمة فعاليات القرية والتي كان قد سهر
 طوال الليلة الماضية لكتابتها , وكان قد استبدل التحية التي كان معتادا عليها " تحية العروبة والوطن والتحرير " , بجملة " تحية البناء والدولة والتنمية " .
اقترب من درج المنصة , خانته قدمه مرة اخرى ووقع ارضا , ضج الحضور ضحكا لهذا المنظر المخجل .
وصرخ احدهم من بعيد مستنكرا " الم تجدوا غير هذا المعاق ليمثل القرية ؟ فضحتونا , ليش ما خليتو علي يلقيها "


v                     باسل الاعرج
v                     البوستر تصميم وليد ادريس